أمَلٌ وواقِعِيّة!
يُقرِّر الله تعالى نفس الحقيقة في صورة توضح كيفية تغلُّب الباطل على الحق {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ}، فليل الباطل لا بُدَّ -في هذا الواقع- أن يحل محل نهار الحق، لكن هذا ليس مدعاة لليأس أو الظن أن ليل الباطل هو الأصل إذ أنه ما يلبث هذا الظلم حِقبةً حتى يحل محله نهار الحق من جديد {وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} مُبددًا له، لكن يجب على المؤمنين حينها أن يدركوا أن هذا ليس بدائم وألا يفرحوا الفرح الذي يدفعهم للخلود إلى الأرض وترك الرباط في سبيل الله، ذلك أن ليل الباطل قادم من جديد يومًا {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} فلا يأس حينها..
يقول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} {آل عمران:26-27].
وكأن الله عز وجل يعطينا جرعة مركزة من الأمل والواقعية -ممتزجين لا ينفكان- في هاتين الآيتين الكريمتين.
فالله عز وجل يبدأ ببث جرعة من الواقعية المُستبشرة في قلوب المؤمنين وذلك بتقرير ناموس كوني وهو أن المُلك والعِزّة لا يقتصران -لا هما ولا ضدهما- على المؤمنين أو على على أعدائهم، فالأيام دُوَل تتبدَّل ما بين الفريقين بحلوها ومرها.
ثم يُقرِّر الله تعالى نفس الحقيقة في صورة توضح كيفية تغلُّب الباطل على الحق {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ}، فليل الباطل لا بُدَّ -في هذا الواقع- أن يحل محل نهار الحق، لكن هذا ليس مدعاة لليأس أو الظن أن ليل الباطل هو الأصل إذ أنه ما يلبث هذا الظلم حِقبةً حتى يحل محله نهار الحق من جديد {وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} مُبددًا له، لكن يجب على المؤمنين حينها أن يدركوا أن هذا ليس بدائم وألا يفرحوا الفرح الذي يدفعهم للخلود إلى الأرض وترك الرباط في سبيل الله، ذلك أن ليل الباطل قادم من جديد يومًا {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} فلا يأس حينها، إنها ببساطة سنة الله في الحياة الدنيا!
ثم يبث فينا الله عز وجل مجدَّدًا جرعة من الأمل تليها جرعة من الواقعية الضابطة لهذا الأمل، فيُقرِّر أن القوم الفاسدين سيخرج من أصلابهم قومًا صالحين {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} وسيخرج أيضًا من جمهور الفاسدين من يتوب إلى الله معلنًا حياته بعد موته ليصير في جانب الحق بعد أن كان في صف الباطل! فلا ينبغي أن نبتأس من وجود الفاسدين إذ أنهم يحملون في داخلهم نواة الصلاح التي ستنمو منها يومًا -بإذن الله- حياةٌ مترعرعة خَضِرَة. ثم حين يأتي الصالحون ينبغي أن نعلم أيضًا أنه من سنة الله أنه سيُخرِج من أصلابهم قومًا فاسدين {وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}، ليس هذا فحسب، بل سيَضِل البعض من هؤلاء الصالحين ليخرجوا من الحياة إلى الموت بتركهم أهل الحق وانضمامهم لأهل الباطل.
ثم يُقرِّر الله الحقيقة النهائية {وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، هذه الحقيقة المتممة للحقيقتين السابقتن {بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} في الوسط و{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} في البداية، هذه الحقائق التي تعلمنا نحن المسلمين أنه ليس لنا من الأمر شيئًا وأن الأمر كلُه بيد الله تعالى يتصرّف فيه بحكمته ليبلونا أيُّنا أحسن عملًا بابتلائنا بالسَرّاء تارةً وبالضَرّاء تارة..
فالحمد لله رَبِ العالمين..
والله أعلم.
- التصنيف: