رجاءً امسح دمعة قد تندم عليها

منذ 2014-09-23

يتذكر كم كانت تريد منه كلمة طيبة، كم كانت تتمنى أن يجلس معها ولو يوم واحد لا يفضل عليها أصدقائه.. يتذكر كم تحملت إهاناته ولا تقابلها إلا بالبسمة والدموع الحبيسة.. كم تفانت في خدمته وخدمة أبنائه.. الآن عرفت قيتمك!

بالرغم من إرهاقها وتعبها إلا أنها لا تستسلم للنوم بعد صلاة الفجر كما يفعل هو، حتى تستطيع إيقاظه للعمل.
توقظه وبعد عناءٍ شديد في إيقاظه يقوم موبخًا نافرًا منها (أف لا يأتي من وراءك راحة)، فتلك هي كلمة الشكر اليومية لها.

يعود من عمله منهكاً فيجد البيت نظيف، الطعام جاهز، هي والأبناء في انتظاره، وجوه مشرقة تفرح بعودة الأب..
أما هو فيدخل عابس الوجه لا يتفوه ولو بكلمة مزاح مع أبنائه، يأكل وينام قليلاً حتى يستطيع السهر مع أصحابه،
لا تحدثه في مشاكل الأبناء إشفاقًا عليه، ومع ذلك عندما تتعثر معها الحلول تضطر أن تُشركه في مشاكل أبنائه لعله يساعدها، فينهرها، (كفاية عليّ شغلي لتوفير متطلباتكم، مش ناقصني هيافاتك أنت وأولادك)!

يكبر الأبناء ويذهب كلٌ لحياته، وتصبح حياتها فارغة تدور حول زوجها فقط.. لا تجد من يشغل فراغها أو تحكي معه.. قالت له في أحد الأيام بعد أن استيقظ: (خليك) معي اليوم نفسي أجلس معك، كل يوم ترجع تأكل ثم تنام وتعطي بقية اليوم لأصحابك..

فيبوخها: "أنت مستكترة عليّ شوية فرحة بعيد عن وجهك الكئيب، أنت أصلاً وجودك في حياتي مثل عدمه".
تبتسم وتترقرق في عينيها دمعة تحاول حبسها لكنها لا تستطيع، فتتركه يذهب لأصحابه وتدخل حجرتها.

يعود ليجدها قد فارقت الحياة، تنزل من عينيه دمعة وهو يضعها في قبرها، ويشتد به الحزن كلما جاء أحد للتعزية. ويقول طبيعي أحزن العشرة لا تهون إلا على (ابن الحرام)، ينقضي العزاء ويعود للمنزل، فلا يجد من يستقبله ويقول له: حمدًا لله على السلامة..


البيت ساكن كئيب، ليس به روح أو حياة، قال في نفسه سوف أعتاد..  
يدخل غرفته لينام، تشرق الشمس وتملأ الكون، يستيقظ فيجد نفسه قد تاخر على العمل.. 
ينادي عليها موبخًا كيف تتركه يتأخر هكذا..! فيتذكر أنها فارقت الحياة.. يبكي فقد أصبحت ذكرى..

يتذكر كم كانت تريد منه كلمة طيبة، كم كانت تتمنى أن يجلس معها ولو يوم واحد لا يفضل عليها أصدقائه..
يتذكر كم تحملت إهاناته ولا تقابلها إلا بالبسمة والدموع الحبيسة.. كم تفانت في خدمته وخدمة أبنائه.. الآن عرفت قيمتك!

فهل ستظل أيها الزوج لا تعرف حق زوجتك عليكِ، وتمسح دمعتها حتى تقبرها بيدك؟!
تذكر أنك سكنها وأُنسها في الدنيا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:189]. 


رسالة:

أيتها الزوجة..
يا من كرمك الله وجعلك حاضنة لرجال وفتيات الأمة..
يا من جعلك الله المربية والراعية لمن كرمه من بين المخلوقات على وجه الأرض وهو الإنسان..
اجعلي عملك وتعبك حسبة لوجه الله فهو وحده الذي سيكافئك خيرًا..
لا يهمك الإهمال إن أهملك زوجك.. لا تتألمي من عقوق الولد إن لم يبرك.. 
وليكن همك هو رضا الرحمن والعمل لوجهه الكريم..

وأنت أيها الزوج فلتعلم أن ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم.. لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
«خيرُكم خيرُكم لأَهلِه وأنا خيرُكُم لأَهلي ما أكرمَ النِّساءَ إلَّا كريمٌ ولا أهانَهُنَّ إلا لئيمٌ» (صححه السيوطي في الجامع الصغير:4102).

أرأيت أيها الزوج ما أهانهن إلا لئيم! ولم يقل الحبيب بخيل واللؤم من أقبح الصفات فهو يدل على الوضاعة وعدم النزاهة والشرف.

أسأل الله أن يصلح أحوالنا وأولادنا وأن يصلح ذات بيننا..

أم سارة

كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام

  • 16
  • 0
  • 3,322

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً