{أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ}

منذ 2014-11-22

قال أبو حاتم: "الواجب على العاقل لزوم الصفح عند ورود الإساءة عليه من العالم بأسرهم؛ رجاء عفو الله جلَّ وعلا عن جناياته التي ارتكبها في سالف أيامه؛ لأنَّ صاحب الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء، وصاحب العقاب، وإن انتقم، كان إلى الندم أقرب، فأمَّا من له أخ يوده، فإنَّه يحتمل عنه الدهر كله زلاته".

العفو من شيم الكرام ومن فِعال أصحاب الأنفس والهمم العالية..

قال أبو حاتم: "الواجب على العاقل لزوم الصفح عند ورود الإساءة عليه من العالم بأسرهم؛ رجاء عفو الله جلَّ وعلا عن جناياته التي ارتكبها في سالف أيامه؛ لأنَّ صاحب الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء، وصاحب العقاب، وإن انتقم، كان إلى الندم أقرب، فأمَّا من له أخ يوده، فإنَّه يحتمل عنه الدهر كله زلاته" (روضة العقلاء، ص: [168]).

قال ابن كثير في (تفسيره):

"قوله: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} قال ابن جرير: قال بعضهم: خوطب به الرجال، والنساء. حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، سمعت ابن جريج يُحدِّث عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} قال: أقربهما للتقوى الذي يعفو".

وكذا روي عن الشعبي وغيره، وقال مجاهد، والضحاك، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، والثوري: "الفضل ها هنا أن تعفو المرأة عن شطرها، أو إتمام الرجل الصداق لها. ولهذا قال: {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} أي: الإحسان، قاله سعيد. وقال الضحاك، وقتادة، والسدي، وأبو وائل: المعروف، يعني: لا تهملوه بل استعملوه بينكم".

وقد قال أبو بكر بن مردويه: "حدَّثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدَّثنا موسى بن إسحاق، حدَّثنا عقبة بن مكرم، حدَّثنا يونس بن بكير، حدَّثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عبد الله بن عبيد، عن علي بن أبي طالب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليأتين على الناس زمان عضوض، يعض المؤمن على ما في يديه وينسى الفضل»، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} شرار يبايعون كل مضطر، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، فإن كان عندك خير فعد به على أخيك، ولا تزده هلاكًا إلى هلاكه، فإن المسلم أخو المسلم لا يحزنه ولا يحرمه".

وقال سفيان، عن أبي هارون قال: "رأيت عون بن عبد الله في مجلس القرظي، فكان عون يُحدِّثنا ولحيته ترش من البكاء ويقول: صحبت الأغنياء فكنت من أكثرهم همًّا، حين رأيتهم أحسن ثيابًا، وأطيب ريحًا، وأحسن مركبًا [مني]. وجالست الفقراء فاسترحت بهم، وقال: {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} إذا أتاه السائل وليس عنده شيء فليدع له" (رواه ابن أبي حاتم).

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 2
  • 0
  • 4,109

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً