كيف ندعو الناس - دار الأرقم

منذ 2014-11-27

لقد كان من مقتضيات لا إله إلا الله في ذلك الحين، وفي كل حين، الصبر على الأذى في سبيل الحق، في سبيل العقيدة الصحيحة التي يؤمن بها الإنسان.

وفيم إذن كان لقاؤه معهم في دار الأرقم، ومصاحبته لهم، وقضاؤه الساعات معهم؟
ليقول لهم: آمنوا بأنه لا إله إلا الله، وقد آمنوا بالفعل؟
أم ليقول لهم انطقوا بألسنتكم أنه لا إله إلا الله وقد نطقوا بالفعل؟
إنما كان يلتقي بهم ليربيهم على مقتضيات لا إله إلا الله، مقدما لهم النموذج العملي في شخصه الكريم.

لقد كان من مقتضيات لا إله إلا الله في ذلك الحين، وفي كل حين، الصبر على الأذى في سبيل الحق، في سبيل العقيدة الصحيحة التي يؤمن بها الإنسان.
فهل كان مجرد الإيمان، أي التصديق بلا إله إلا الله والنطق بها، يؤدي تلقائيا إلى الصبر على الأذى مهما اشتد، والتمسك بالحق مهما كلف في النفس والمال؟ أم يحتاج هذا الأمر إلى جهد معين لتقوية الكيان النفسي حتى يحتمل الضغط دون أن ينثني أو ينهار؟ ومن أين تعلمون ذلك؟
أبمجرد أن يقال لهم اصبروا تنضبط المشاعر، وتصلب العزيمة، وتصغر الدنيا بمتاعها الحلو في نظر صاحبها، ويتطلع إلى ما هو أعلى وأشف، فيحتمل الأذى صابرا، ولا يفرط في الحق الذي آمن به؟
كلا والله إنما يحتاج الأمر إلى تلقين وتعليم وتدريب وتوجيه. والمعلم الأعظم صلى الله عليه وسلم هو الذي يعلم ويلقن، ويدرب ويوجه. ولكن لا بمجرد كلمات يلقيها لأصحابه، بل بنموذج عملي يرونه شاخصا أمامهم، يطبق في ذات نفسه ما يدعوهم إليه، على المستوى الأعلى، فيتعلمون فينفذون.
لقد أوذي سيد الرسل صلى الله عليه وسلم أذى يهد الجبال.
 

محمد قطب إبراهيم

عالم معروف ، له مؤلفات قيمة ومواقف مشرفة.

  • 0
  • 0
  • 1,367
المقال السابق
النطق بالشهادة
المقال التالي
أذى يهد الجبال

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً