خطر الفضائيات على الناس
إن أخطر ما يواجه به المسلمون اليوم ذلك الغزو الوافد إلينا عن طريق القنوات الفضائيات الفضائية. إنه غزوٌ جديد، لا تشارك فيه الطائرات ولا الدبابات، ولا القنابل والمدرعات، غزوٌ ليس له في صفوف الأعداء خسائر تُذكر، فخسائره في صفوفنا، إنه غزو الشهوات، غزو الكأس والمخدرات، غزو المرأة الفاتنة، والرقصة الماجنة، والشذوذ والفساد، غزو الأفلام والمسلسلات، والأغاني والرقصات، وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات.
الحمد لله الذي أمرنا بطاعته، ونهانا عن معصيته ومخالفته، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
إن أخطر ما يواجه به المسلمون اليوم ذلك الغزو الوافد إلينا عن طريق القنوات الفضائيات الفضائية. إنه غزوٌ جديد، لا تشارك فيه الطائرات ولا الدبابات، ولا القنابل والمدرعات، غزوٌ ليس له في صفوف الأعداء خسائر تُذكر، فخسائره في صفوفنا، إنه غزو الشهوات، غزو الكأس والمخدرات، غزو المرأة الفاتنة، والرقصة الماجنة، والشذوذ والفساد، غزو الأفلام والمسلسلات، والأغاني والرقصات، وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات.
إنه غزو لعقيدة المسلمين في إيمانهم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وأمور الغيب التي وردت في كتاب الله وصحت عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. إنه غزو لمفهوم الولاء والبراء، والأخوة الإسلامية، والاهتمام بقضايا الإسلام والمسلمين المتمثل في مبدأ الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر[1].
فأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ *** أعددت ذاك الحِمى من بعض أوطاني
إن هذا الغزو القادم إلينا من الفضاء يفعل ما لا تفعله الطائرات ولا الدبابات ولا الجيوش الجرارة. إنه يهدم العقائد الصحيحة، والأخلاق الكريمة، والعادات الحسنة، والشمائل الطيبة، والشيم الحميدة، والخصال الجميلة. ومتى تخلت الأمة عن عقيدتها وأخلاقها وقيمها سقطت في بؤر الضياع والانحلال.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
أيها العاكف على صنم المرئيات والفضائيات، متنقلًا بجهازك الصغير من بلدٍ إلى أخرى، ومن قناةٍ إلى قناة، باحثًا عن المتعة الشهوانية، واللذة البهيمية، والسعادة الزائفة، من أفلام هابطة، ومسلسلات ساقطة، وخمر، وقمار، وعري، ومجون، وجريمة، ومخدرات، وعقائد فاسدة، ووثنية بائدة، وجاهلية حاقدة!
أليس هذه غفلة عن الله وذكره وعبادته؟ وعن الموت وسكرته؟ وعن القبر وظلمته؟ وعن الحساب وشدته؟ أليس هذا تفريطًا فيما ينفعك، واهتمامًا بما يضرك في العاجل والآجل؟
أليس هذا اتباعًا للهوى وانقيادًا للشهوة؟ أفِق أيها الأخ الحبيب قبل أن تقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ}[2]، فيقال لك: {كَلَّا}[3].
أيها الأخ الحبيب: هل تعلم ما قاله صموئيل زويمر رئيس جمعيات التنصير؟
لقد قال في مؤتمر القدس للمنصرين الذي عقد في القدس عام 1935م: "إنكم إذا أعددتم نشءٌ لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، أخرجتم المسلم من الإسلام وجعلتموه لا يهتم بعظائم الأمور، ويحب الراحة والكسل، ويسعى للحصول على الشهوات بأي أسلوب، حتى تصبح الشهوات هدفه في الحياة، فهو إن تعلم فللحصول على الشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإذا تبوّأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات، إنه يجود بكل شيءٍ للوصول إلى الشهوات! أيها المبشرون! إن مهمتكم تتم على أكمل الوجوه!".
أيها الأخ الحبيب: هذا ما قالوه منذ ما يزيد على ستين عامًا، ولا يزالون يعملون دون كلل أو ملل؛ لأنهم يرون ثمار مخططاتهم الخبيثة تزداد يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام، حتى ظهرت هذه الفضائيات التي استطاعوا من خلالها -وفي أعوامٍ يسيرة- تحقيق ما لم يستطيعوه في قرونٍ طويلة! لقد استطاعوا من خلالها اقتحام ديارنا وبيوتنا.. وحتى غرف نومنا.. بلا مقاومة مِنّا ولا غضب، ولا محاولة لمنعهم من ذلك.. بل بموافقة مِنّا ورضا وترحيب!
فلماذا ترضى لنفسك -يا أخي- أن تكون ممن يساعدون الأعداء، ويُنفِّذون مخططاتهم الرامية إلى ضرب الأمة في عقيدتها وأخلاقها وعزتها ومجدها؟!
لماذا تقبل بالانهزام النفسي ودناءة الفكر والتصور والهدف والغاية؟!
أخيرًا:
لا يخفى عليك أن هذه الفضائيات سلاح ذو حدين، فيها الخير وفيها الشر، وإن كان الخير فيها قليلًا جدًا، وهي إما أن تقودك إلى الهاوية أو تقودك إلى طاعة الله ومرضاته وأنت بين ذلك مخير بين النجدين، وعهدي بك أنك ذو عقل ولن تسلك إلا ما ينجيك بين يدي الله تعالى.
اللهم وفقنا لكل خير يا رب العالمين، والحمد لله رب العالمين.
----------------------------------
المراجع:
[1]- (إشارة الحديث الذي رواه البخاري كتاب: الأدب، باب: رحمة الناس والبهائم، برقم: [5552]، ومسلم؛ كتاب: البر والصلة، الآداب؛ باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، برقم: [4685]).
[2]- [المؤمنون:99].
[3]- [المؤمنون:100].