دين ودنيا! نظرة نقدية

منذ 2015-01-04

وأود أن أصيح بأعلى صوتي وأقول الدين هو نظام الحياة وقوامها من كل أوجهها، ماديةً كانت أم روحية، فلماذا نصر أن نحول الدين عن حقيقته ونجعله مجرد شيئاً موازياً للدنيا؟! يجب على المسلم الجمع بينهما، وهذه هي العلمانية ولكن من بابها الخلفي من وجهة نظري.

لقد وجدت هذا عنواناً لبرنامج يذاع على الفضائيات وهو برنامج إسلامي! وتتكرر هذه الظاهرة تقريباً في حياتنا المعاصرة كلها، تجد في الجريدة (الصفحة الدينية) وتجد (مجلة  الـ... الإسلامية)، قلت في نفسي فقد نجح العلمانيون أن يجعلونا علمانيين بدون أن ندري، لقد نجحوا في فصل الدين عن الدنيا في نفوسنا، حتى نحن الذين ندعي التدين! بحيث أننا نعطف الكلمتين على بعض، ونخصص صفحة دينية في جريدة ما، أو نخصص للدين مجلة خاصة..

وأود أن أصيح بأعلى صوتي وأقول الدين هو نظام الحياة وقوامها من كل أوجهها، ماديةً كانت أم روحية، فلماذا نصر أن نحول الدين عن حقيقته ونجعله مجرد شيئاً موازياً للدنيا؟! يجب على المسلم الجمع بينهما، وهذه هي العلمانية ولكن من بابها الخلفي من وجهة نظري.

العلمانية المتدينة!
إن العلمانيين يقولون: "الدين في المسجد وليس له علاقة بشئون الحياة".
أما (العلمانية المتدينة)! -كما أسميها- تقول: "لا، أنتم مخطئون، يجب أن نجمع بين ديننا ودنيانا، وأن يدخل الدين في كل مناحي الحياة"، وهذا الكلام فيه بعض الصحة ولكنه ليس دقيقاً، وأنا لا أشكك في نوايا من يقول هذا الكلام، فهم ضاحايا لغسيل العقول الذي نتعرض له كل يوم وليلة، ولكي أوضح هذه النقطة أكثر أقول..

أن الدين هو ليس مكافئاً للدنياً، ولا نحتاج مجهود للدمج بينهما، فمعنى أننا ندمجهما أنهما في نفوسنا منقصلين أصلاً.. ولكن ينبغي للدين أن يكون هو كل حياتنا، نحيا به كما يحيا جهاز الكمبيوتر بنظام التشغيل، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:161-163].

علومنا المادية تخلو من الدين..
فالطب دين والهندسة دين، وكل علم أو عمل نقوم به في حياتنا هو دين، وهو ينبغي أن يكون لله رب العالمين، ويسوؤني كثيراً أن أحضر محاضرةً في الهندسة مثلاً أو في الفيزياء يلقيها محاضر مسلم تخلو من ذكر الله، وأخرج من المحاضرة لا أعلم من كلام المحاضر أهو مسلم أم لا؟!

إننا تعلمنا علومنا المادية من الغرب بتقليد أعمى، ولم نضفِ عليها صبغتنا الإسلامية! وترتب على هذا أننا نسينا الله في تدريس ودراسة هذه العلوم، مع أنها من المفترض أن تذكرنا بالله أكثر وأكثر عندما تدفعنا هذه العلوم إلى التأمل في عظمته وقدرته، وقد فهمت عندما فكرت في هذه القضية قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم» (السلسلة الصحيحة:74).

نتائج حتمية من سوء الفهم هذا..
أ- غياب فريضة التفكر في الكون.
أين التفكر والتدبر في كون الله؟! إن لم نتفكر في الكون ونحن ندرس العلوم المادية فمتى نتفكر؟!

ب- صعوبة أخذ نية نصرة الإسلام بعلومنا المادية.
فإن فرغنا علومنا المادية من الصبغة الإسلامية صعب علينا توجيه نياتنا نحو نصرة الإسلام بهذا العلم، إن هذا التفريغ يتمخض عن جعل هذه العلوم مصدراً للطعام والشراب! بئس الهدف هذا، سلكنا جحر الضب يا رسول الله وجعلنا علومنا لا إسلامية الصبغة..

إنه لشيء عجيب أن نتبعهم خطوة بخطوة، حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلنا وراءهم كما أخبرنا بذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حينما قال: «لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه»، "قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن»" (البخاري في كتاب الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل).

الاستنتاج:
ينبغي علينا نحن المسلمين أن نعيش بالإسلام وللإسلام، وأن يكون لنا هويتنا التي تحمينا من تحويلنا عن قبلتنا، وأن نعلم أن الحكمة ضالة المؤمن، ولكن الحكمة هذه يجب أن تُشكل حسب ديننا الحنيف، فلا نأخذها بحذافيرها وعِلاتها، ولكن نرجعها حكمةً نقيةً بدون شوائب كما يريدها الله تعالى لكي نفوز في الدارين، وذلك بالإسلام وحده الذي هو حياتنا ومماتنا، والله أعلم. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 1,927

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً