الحث على طلب العلم النافع

منذ 2015-01-06

قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا»، قالوا: "وما رياض الجنة!؟" قال: «حِلَقُ الذِّكْر». فهذه الرياض البهيجة فيها من العلوم من كل زوج كريم.

الحمد لله الذي رفع من أراد به خيرًا بالعلم والإيمان، وخَذَلَ الـمُعرضين عن الهدى وعَرَّضَهُم لكل هلاك وهوان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكريم الـمَنَّان، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله الذي كَمَّلَ الله له الفضائل والحسن والإحسان، اللهم صَلِّ وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم مدى الزمان. أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله تعالى، واعلموا أنَّ التقوى لا تَتِمُّ لَكم إلا بمعرفة ما يُتَّقَى مِن الكفر والفسوق والعصيان، ولا تستقيم لكم إلا بقيامكم بأصول الإيمان، وشرائع الإسلام وحقائق الإحسان. فطلب العلم إذن مِن أَفرَض الفرائض وأوجب الواجبات، فإن عليه المدار في قيام الطاعات وترك المخالفات. فمن يُرِدِ الله به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدين، ومن لم يُرِد به خيرًا أعرض عن طلب العلم وسماعه فكان من الهالكين الجاهلين. فما بالكم مُعرضين عن العلم، وهو من الفروض الواجبة!؟ وما لكم مُقْبِلِين على ما يضركم، تاركين ما ينفعكم، راضين بالصفقة الخاسرة!؟

قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا»، قالوا: "وما رياض الجنة!؟" قال: «حِلَقُ الذِّكْر». فهذه الرياض البهيجة فيها من العلوم من كل زوج كريم. فيها يُعرَفُ الله ويهتدي إلى الصراط المستقيم، وفيها يُعرف الحلال مِن الحرام والصلاح مِن الفساد. وفيها يُعرف سبيل الغَيِّ والضلال وسبيل الهدى والرشاد، فكيف تعتاضون عنها بمجالس اللهو وتضييع الأوقات أو مجالس الشَّرِ والفساد!؟ أمَا إنَّ طَلَب العلم قُربةٌ وثوابٌ عند رَبِّ العالمين، والإعراض عنه شَرٌّ وخُسرانٌ مُبِين.

فيا أيها المعرضون عن طلب العلم! ما هو عُذركم عند الله، وأنتم في العافية تتمتعون!؟ وماذا يمنعكم منه وأنتم في أرزاق ربكم ترتعون!؟ أترضون لأنفسكم أن تكونوا كالبهائم السائمة!؟ أتختارون الهوى على الهدى والقلوب منكم ساهية هائمة!؟ أتسلكون طرق الجهل وهي الطرق الواهية، وتَدَعُون سُبُل الهدى وهي السُّبُل الواضحة النافعة!؟

أترضى إذا قيل لك: مَن رَبُّكَ وما دينك ومَن نبيك لم تحر الجواب!؟ وإذا قيل: كيف تصلي وتتعبد أجبت بغير الصواب!؟ وكيف تبيع وتشتري وتعامل وأنت لم تعرف الحلال من الحرام!؟ أمَا والله إنها حالةٌ لا يرضاها إلا أشباه الأنعام. فكونوا -رحمكم الله- متعلمين، فإن لم تفعلوا فاحضروا مجالس العلم مستمعين ومستفيدين، واسألوا أهل العلم مسترشدين متبصرين، فإن لم تفعلوا وأعرضتم عن العلم بالكلية فقد هلكتم وكنتم من الخاسرين.

أما علمتم: أنَّ الاشتغال بالعلم مِن أَجَّلِ العبادات، وأفضل الطاعات والقربات، ومُوجِبٌ لِرِضَى رَب الأرض والسماوات. ومجلس علم تَجلِسُهُ خيرٌ لك مِن الدنيا وما فيها، وفائدة تستفيدها وتنتفع بها لا شيء يزنها ويساويها!؟ فاتقوا الله عباد الله، واشتغلوا بما خلقتم له من معرفة الله وعبادته.

وسَلُوا ربكم أن يُمدكم بتوفيقه ولطفه وإعانته. {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ}.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

المصدر: كتاب: الفواكه الشهية في الخطب المنبرية، رقم: 66
  • 2
  • 0
  • 8,710

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً