سلسلة قصصية - كانت دعوتها اللهم أخرجها سهلة
وكانت دعوتها دائمًا: "يا رب يا أهلاً بالموت في أي لحظة ولكن طلعها سهلة، يا رب ما توجعني، يا رب لا تحوجني لأحد". وبالفعل استجاب الله دعاءها، فلم تُبتلى بمرض يقعدها وتحتاج فيه لمن يحملها أو يخدمها فيه، مع أنها قد تجاوزت الثمانين من العمر إلا أن الله قد متعها بالصحة ويقظة العقل، فقد حفظت الله في شبابها فحفظها سبحانه وتعالى في كبرها..
هي سيدة ريفية مثل أي سيدة ريفية بسيطة تتصف بأخلاق الريف وما انطبعوا عليه، أمية لا تعرف الكتابة ولا القراءة، ولكنها كانت من محبي السماع إلى إذاعة القرآن، فجعلها ذلك ذات ثقافة دينية تميزها على غيرها من الريفيات، هذه السيدة العظيمة توفى عنها زوجها وهي في ريعان شبابها تاركًا في رقبتها ستة أطفال لا حول لهم ولا قوة، ولكنها حبست نفسها عليهم، وبقوة شخصيتها وصلابتها استطاعت أن تربيهم وتعلمهم حتى أصبحوا أصحاب صلاحٍ وشأنٍ في الحياة..
ومن خلال سماعها لإذاعة القرآن عرفت فضل الصدقة وفضل التقرب إلى الله بالنوافل وغيرها من الأمور المستحبة، فكانت رحمها الله لا يهل الشهر الهجري إلا وبدأته بالصيام، ولم تسمع بنافلة قبل الصلاة أو بعدها إلا وفعلتها، وكانت رحمها الله لم تسمع بمسجد يُبنى إلا وتسعى لشراء شيء يخصه أو المساهمة في بنائه، ولا تسمع بأن فلانة ستُزوج ابنتها أو ابنها وحالتهم رقيقة إلا وأعانتها بجمع ما يجود به أبناؤها من مالٍ فترسله لها..
وكانت دعوتها دائمًا: "يا رب يا أهلاً بالموت في أي لحظة ولكن طلعها سهلة، يا رب ما توجعني، يا رب لا تحوجني لأحد". وبالفعل استجاب الله دعاءها، فلم تُبتلى بمرض يقعدها وتحتاج فيه لمن يحملها أو يخدمها فيه، مع أنها قد تجاوزت الثمانين من العمر إلا أن الله قد متعها بالصحة ويقظة العقل، فقد حفظت الله في شبابها فحفظها سبحانه وتعالى في كبرها..
وفي أحد الأيام بعد أن صلت الفجر نادت على ابنها وأوصته بوصيتها، وقالت له أنها ستموت اليوم فأطاعها ولدها وسمع منها كي يريحها، ولم يتصور أنها بالفعل ستموت لأنها لم تكن متعبة أو بها أي أمارة من أمارات الموت، ولم يعرف أحد كيف أحست بأنها ستموت في هذا اليوم فهذا في علم الله، وبالفعل بعد أن أوصت وصيتها تركها ابنها لتنام، فتفيض روحها إلى خالقها أثناء النوم وبالفعل تكون قد خرجت سهلة كما دعت..
ماتت وقد صلت فجرها وذكرت ربها وبلغت وصيتها، فاللهم ارحمها رحمة واسعة، واحشرها مع الحبيب المصطفى بحق حبسها نفسها على أبنائها اليتامى وتربيتها لهم.. وأحسن اللهم ختامنا آمين.
- التصنيف: