كيف تكتشف أصدقاءك المزيفين

منذ 2015-02-19

قد يستطيع المرءُ تكلفَ الأخلاقِ الرفيعة وتَصنّع الأدب الراقي لسويعاتٍ قليلةٍ، لكن لا يلبث أن يعود لطبعه ويرجع لأصل خُلقه.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كنتُ مخدوعاً فيه فترةً طويلة!! 
لم أكن أتصور أن يكونَ بهذه البشاعة الخُلقية! 
لقد صدمني بكلامِه وجرحني بتصرفاته!! 
قلبي ينزفُ ألماً من طعناته!! 
كلماتٌ تتوشح بآهاتنا
وعباراتٌ تسبق عَـبَـراتِـنا
عندما نكشف غدرَ( أصدقائنا) أو تسقطُ فجأةً (الأقنعةُ) الزائفةُ فَـتُجلِّي لنا قُبحَ (الوجهِ الحقيقي) لأحبابنا.

هل كنا حمقى؟
هل هي سذاجةٌ غبيةٌ غَشتْ بصائرنا؟ 
أم أنها براعةٌ ماكرةٌ تحلَّى بها( جلساؤنا)؟
تأملتُ كثيراً في حالاتِ الخداع التي تفجعنا
وسرَّحتُ فكري في مواقف الأصدقاء الزائفين وهي تُسْقِـطُ عنهم (ورقةَ التّوت) وتكشفُ فيها (عوراتِـهم السُّلوكية)..ولم يحسبوا حينها أنْ سيُخرج الله (أضغانهم). 

فوجدتُ في خارطةِ هذه العلاقات الزائفة ثلاثةَ (مضايق) تتحطمُ فيها (سفنُ) الصّداقةِ النفعية. 
لذا قبل أن تقررَ مصادقةَ (أحدهم) فأبحرْ بسفينته نحو هذه (المضايق)
فإن تجاوزها فهو (نِـعمَ الصديق) وإن كانت الأخرى فأحرق سُفـنَه عند أول مضيق (ينشب ) فيه ولا (تُـكثرْ عليه التأسفًا). 

وهذه الثلاثة هي التي تكشف معادنَ الرِّجال و(تبلو) أخلاقَـهم. 

الأولى: طُولُ المُلازمة 
قد يستطيع المرءُ تكلفَ الأخلاقِ الرفيعة وتَصنّع الأدب الراقي لسويعاتٍ قليلةٍ، لكن لا يلبث أن يعود لطبعه ويرجع لأصل خُلقه. 
ولن تستطيع كشف تصنعه ومعرفة حقيقة أخلاقه إلا إذا لازمته في كل أحواله. 
ومن هذا الباب قول الفاروق رضي الله عنه لرجل زكّى آخر: "هل سافرت معه؟ هل جاورته؟" 
قال: "لا" 
قال: "إذاً أنت لاتعرفه".
ومن الأحوال التي تطول فيها الملازمة:
1- السفر
وقد قالوا: سُمي السفرُ سفراً لأنه يُسفرُ عن أخلاق الرجال. 
2- مشاركة السكن
فأنت تجد أن أعرفَ الناس بالرجل هم أهله وأولاده 
أو زملاؤه في سكنٍ إن كان عزباً. 
3- مشاركة السجن 
أعاذنا الله وإياكم من دخول غياهبه أو سلوك الطرق المؤدية إليه
4- الجيرة
وهذه أحسبها كانت في أزمنةٍ غبرت وعهودٍ مضت، أما الآن فلا تُعوِّل عليها كثيراً فالجارُ لايعرف من جاره إلا نوع سيارته وهيئة لبسه.

الثانية: الاختلاف والنزاع
فكم من صاحبٍ أظهرَ وده وأعلن حبه وتغنى بأخوتك وصدح بوفائه وماهو إلا (خلاف يسير) بينكما حتى كشّر عن أنيابه وفاهَ بقبيح سبابـه وأنزلك من (أعلى عليين) وأسكنك (أسفل سافلين). 
وماأحسن مارُوي عن لقمان وسفيان الثوري والفضيل بن عياض (بألفاظ متقاربة): "إذا أردت أن تؤاخي رجلاً فأغضبه ثم دُسّ عليه من يسأله عنك فإن أنصفك في غضبه وإلا اجتنبه". 
ومن الأمور التي تظهر حقيقة الأخلاق:
- الاختلاف في أمور المال
فالدرهم والدينار مقياسٌ أخلاقي دقيق لا تكاد تخطيء أحكامه. 

الثالث: القدرة عليك
فبعض الناس يحسن التصنع والتزلف لمن هم في منزلته أو أرفع منها. 
لكنّ أخلاقَـه الحقيقية تظهر عند تعامله مع من هم دونه كالخدمِ والعمالِ لديه أو الموظفين عنده. 
وقد قال بعضُ الحكماء وصدق فيما قال: "إذا أردت أن تعرف خلق المرء فانظر إلى تعامله مع خدمه ومن تحت يده". 

وبعد، فهذه ثلاثة أحوال
تكشفُ ما (خفي) 
وتُظهرُ ما (بطن) وتعلن (مااستتر).
أجعلها لك نبراساً تستبين فيه سبيل (الزائفين) قبل أن تقرع ضِـرسَ النّدم و(لاتَ حين مَندم).


عبدالله الحويل

  • 1
  • 0
  • 1,393

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً