لا تزعجنا يرحم والديك
إنما الحدود تراب، وحيث ذكرت ربك وأطعته وهنأت برزقه؛ فثم النعمة التي لا يسعك إلا شكرها.
- ما هذا؟! إننا عندنا في مصر!
- أقول لا تزعجنا يرحم والديك، ما الذي جعلك تقعد أنت؟! سيّد على مصر أجل.
- والله ما مقعدني إلا الحرمين فقط.
- طيب سألتك بالله، بالله، متى آخر مرة ذهبت للحرمين؟!
- إئ..إئ، والله مشغول والدنيا تشغلنا.
كان هذا بعض حوار صار أمامي في جهة ما، والحقيقة أن الأخ السعودي قد رفق جدًا بصاحبنا المصري (الفذلوك)، ولو تركت نفسي لأتدخل في الحوار لأسمعته ما يسيئه!
أبغض جدًا هذا النوع من المغتربين، إذ تجده في كثير من المواقف يتحول مباشرة لبث (القناة الأولى)، ومصر هي أمي، مع أنه قد قبّل (عجلات) الطائرة التي أخرجته من حضن أمه!
لا أحب أن تنسى بلدك، أو تتنكر لها بأي صورة، لكن في الوقت نفسه لا تتبجح بلعن حالك والبلد الذي تقيم به؛ فكلنا يعلم أنك ما عرفت السيارات وسوق العقارات إلا مما من الله به عليك في هذا البلد -أيًا كان-.
نعم؛ رزق الله سيأتيك حيث كنت، وكيف كنت، والمكتوب في السماء ليس في الأرض، غير متعلق ببلاد أو أشخاص، لكن الوفاء خلق كريم بنيت عليه أسس في الدين!
وهل أنسى دموع كثير من جيل آبائنا حين غزو العراق، وهم يرون البلد الذي بنوا بيوتهم (بالأحمر) من مال عملهم فيه، ينتهك العلوج خيراته ويسرقونه على مسمع العالم؟!
قبل أن ترد علي بما أعلمه من عنصرية قد تلقاها، وعدم إنصاف من جنس (أنتم ماخذين فلوسنا، ومضيعين فرص عيالنا)، ثم تسرد مهاراتك وإمكاناتك وبني جنسك وكيف كنا قبل ذلك، وحضارة السبعة آلاف سنة (السبع تلاف سنة)؛ أقول: "هوّن عليك".
هذه سنة الحياة، {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف:32]، حكمة الله البالغة في خلقه.
هي دنيا لا تكمل، ليس ثمة مدينة فاضلة على الأرض، وليس شعب إلا وفيه صالح وطالح.
إنما الحدود تراب، وحيث ذكرت ربك وأطعته وهنأت برزقه؛ فثم النعمة التي لا يسعك إلا شكرها.
(فلا تزعجنا يرحم والديك).
- التصنيف: