الجهاد تأصيل و أحكام - (7) أنواع الجهاد والقتال في الإسلام
هذه الأنواع من القتال قد يُطلق العلماء عليها جهادًا كذلك، لأنها إنما تكون: إعلاءً لكلمة الله، وردّ المظالم، واستقرار أمن المسلمين، ووأد الفتن بينهم، لكن يَلزم أولو الأمر في صورٍ منها، مثل قتال البغاة؛ نصيحتهم، وإزالة شُبههم، فإن فاءُوا إلى أمر الله، وإلا فالقتال.
سبق وأن أشرنا قبلُ في تعريف الجهاد: "أنه متى أُطلق فإن المراد به: جهاد الكفار دفعًا أو طلبًا، إعلاءً لكلمة الله، إلا إذا دلَّت قرينة على خلاف ذلك"، ولكن ثمَّة أنواع أخرى من القتال، قد تحصل ولا يكون طرفها الآخر كفارًا أصليين، وتختلف هذه الأنواع من القتال باختلاف بواعثها، وأسبابها. فمن ذلك:
* قتال المرتدّين:
ويقع هذا القتال لردّ طائفة مرقَت من الدين، وكفرَت بعد إيمانها، وارتدّت بعد إسلامها، فتُقاتَل تلك الطائفة المُرتدّة لإرجاعها إلى حظيرة الإسلام، والانتظام في سَلْكه من جديد، وهذا مثاله: قتال الصحابة لمُسيلمة مُدّعي النُّبوّة ومَن معه.
* قتال البُغاة أو أهل البَغي، وهم أصناف:
- فمنهم:
طائفة مرقَت عن جماعة المسلمين وإمامهم -الذين اجتمعوا على الكتاب والسُّنة-، وبغَت على الإمام العدْل، وعمَدت إلى قتالِه لعَزله والإطاحة به، ورأت كُفره وكُفر المسلمين بالذنب، مثل: (الخوارج) الذين كفّروا عليًّا وغيرَه من الصحابة.
- ومنهم:
طائفة خرجَت على الإمام العدْل، ولهم تأويل وشُبهة، وعندهم شوكة ومَنعة، ويَرون أن الحقَّ معهم، وهذا كان أوّل أمر مَن خرجوا على عليّ.
- ومنهم:
طائفة مسلمة تُقاتل أخرى مثلها، فتُدعَى كلٌّ منهما إلى حكم الله، وإنصاف المظلومة من الظالمة، فمَن أبَت منهما صارت هي الباغية، وفيها أُنزلَت آيات الحُجرات: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات من الآية:9].
* قتال أهل الحِرابة: وهي طائفة تُحارب الآمنين، في أسفارهم وطُرقهم ومصالحهم، وتسطو على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وتقطع الطريق، وتعيث في الأرض فسادًا .
* قتال الطائفة المُمتنعة:
وهي طائفة تمتنع عن إقامة شعائر الإسلام، ولو شعيرة واحدة - فلو كانت الشعيرة واجبة؛ فتُقاتل بالإجماع، وإن كانت مُستحبة؛ فتُقاتَل في قول الجمهور - كما حكاه ابن تيمية رحمه الله، وغيره.
* قتال الحاكم المُنحرف عن الإسلام:
فمَتى ارتدّ الحاكم أو كفر أو فسق فقد انحلّت بيعته، ووجب خلعه، ولو بالجهاد والاقتتال متى قُدر على ذلك، وقد نصّ عليه القاضي عياض رحمه الله، وغيره، وقد فصَّلناه في سلسلة (قضايا الحاكمية).
وهناك أنواع أخرى متفرعة من الاقتتال، لا تخرج عن هذه الأنواع الكُليّة التي ذكرناها، وإن كان البعض قد يرى، تغيير بعض الصور، وإدخال أخرى مكانها، فالأمر في هذا واسع.. ولمَن أراد الاستزادة من فِقه هذه الأنواع وأحكامها؛ فهي مبسوطة منثورة في كتب الفقه، والسياسة الشرعية.
وهذه الأنواع من القتال قد يُطلق العلماء عليها جهادًا كذلك، لأنها إنما تكون: إعلاءً لكلمة الله، وردّ المظالم، واستقرار أمن المسلمين، ووأد الفتن بينهم، لكن يَلزم أولو الأمر في صورٍ منها، مثل قتال البغاة؛ نصيحتهم، وإزالة شُبههم، فإن فاءُوا إلى أمر الله، وإلا فالقتال.
- التصنيف: