هل التدين يعني الحرمان من اللذات؟
كنت تحتاج أن تنسى الله حتى تستمتع بالمعصية!.. واليوم أكثر ما يسرك نظر الله إليك وأنت تطيعه!
إذا ظننَّا أن الاستقامة (التدين) تعني جفاف الحياة والحرمان من اللذات فنحن لم نفهم ديننا!
إنها إحلال لذات عظيمة علوية محل لذات دونية.
كنتَ تلتذ برؤية فتاة متبرجة، واليوم تلتذ روحك عندما تكون دعوتك سببًا في أن تراها متسترة مطيعة لربها جل وعلا.
كنتِ تلتذين بجلب أنظار الشباب إليك، واليوم تلتذين بصرف أنظارهم إلى قضايا أمتهم وسبيل مجدها.
كنتَ تلتذ بمعصية في السر، واليوم تكاد روحك تحلق عند العرش عندما تنزل منك في خلوتك دمعة محبة وشوق لله فينطبق عليك «البخاري؛ برقم: [660]).
» (صحيحكنتَ تلتذ بعبارات الغرام وتنتظر منها أو تنتظرين منه (أحبك)، واليوم تلتذ بسماع كلمات زميلك الغافل أو زميلتِك الغافلة: (لقد حبَّبت إلي الله والإسلام).. وتعيد تشغيل شريط هذه الكلمات لأنها على قلبك أجمل من أية معزوفة يسمعونها!
كنتَ تلتذ بتضييع الأوقات مع رفيقك ولا يهمك احتراق قلب أمه عليه وهي تراه ضائعًا، واليوم تلتذ بأن تكون سببًا في بره لها وكسب رضاها.
فرحاتك بالأمس كانت ملوثة معكرة تفعلها مع شعورك بالذنب، واليوم يزيد فرحتك النقية أن الله فرح بك وبطاعتك وإقبالك عليه!
كنت تحتاج أن تنسى الله حتى تستمتع بالمعصية!.. واليوم أكثر ما يسرك نظر الله إليك وأنت تطيعه!
كل هذا يحتاج منك أن تتحرك بدينك بعد هدايتك، لتستمد من تأثيرك في حياة الناس زيتا يمد شعلة النور في قلبك بالبقاء، وتفيض بعد ذلك بمزيد من النور عليهم.
وفي هذه المعاني كنت قد نظمت أبياتا:
عيدي في علم أكسبه يسمو بالروح ويُنْقيها
عيدي بدموع أذرفها شوقًا لله أواريها
فالدمعة ترجح في الميزان بكل الأرض وما فيها
عيدي بحديث أقرأه عن خير الناس وهاديها
فأحس بها أنفاس حبيبيَ في الأضلاع تُدَفّيها
عيدي ببذورٍ ألقيها فَلَعَلَّ إلهي يسقيها
فأرى من ترك صلاة الفجر يصلي في الصف الأولْ
وفتاةً بعد تبرجها قد لاذت بحجاب الكُمَّلْ
أو من قدْ عَقَّ له أُمًَّا يَلْزَمُ قَدَميها يتذللْ
عيدي أن أُسْهم للأطفالِ بصنعة أبهى مستقبلْ
عِزٌّ، إيمانٌ، وإباءٌ يدفع من كيد أعاديها
قال سيد قطب رحمه الله: "بالتجربة عرفت أنه لا شيء في هذه الحياة يعدل ذلك الفرح الروحي الشفيف الذي نجده عندما نستطيع أن ندخل العزاء أو الرضا، الثقة أو الأمل أو الفرح إلى نفوس الآخرين".
الله كريم، ولا يعاقب من أقبل عليه بتجفيف حياته!
فإن لم تجد هذه اللذات.. فراجع (تدينك)!
- التصنيف:
- المصدر: