كلمات مسمومة

منذ 2015-08-16

كلمات مسمومة يتلفظ بها البعض أو يكتبونها بكل أريحية ولا يجدون غضاضة فيما تحويه من قذف أو إهانة أو افتراء

تستغرب أحيانًا من كل هذا الكمّ من الغلّ و‏الكراهية‬ التي تقطر من كلمات مسمومة يتلفظ بها البعض أو يكتبونها بكل أريحية ولا يجدون غضاضة فيما تحويه من قذف أو إهانة أو افتراء تكاد السماوات تهتز وتخر الجبال لوطأة ما يحويه؟!

تحس أحياناً إنها كلمات وأفكار ومشاعر يصعب جدًا على أي قلب عادي وعقل طبيعي ومنطق مستقيم أن يفهم دوافع أصحابها أو أن يدرك حقيقة اعتيادهم واستحلالهم لها؟

تدهشك تلك الجرأة منقطعة النظير على إطلاق الأحكام وتعميمها بكل بساطة لتستعر الكراهية كمان وكمان؟

لعل دهشتك تزول حين تفهم أصول وجذور تلك الكراهية المبالغ فيها.. 

ربما تكون هناك مبررات للكراهية.

وربما تكون الكراهية بدون سبب ومع ذلك تكون منطقية لأن طبيعي إن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف.

ممكن جدًا إنسان لا يستلطف إنسان آخر أو لا يبتلعه ولا يستسيغ التعامل معه كده وخلاص من غير سبب.

ممكن يستثقل دمه وممكن لا يطيقه.

ده كله طبيعي ووارد.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه دون أن يجد مجيبًا منطقيًا = ألهذه الدرجة؟!

هل تستحق دوافع الكراهية كل هذا الكم من الغل والتشويه والقذف والافتراء والرضا بالظلم وإراقة الدماء؟؟

الإجابة عند العقلاء والمنصفين ستكون غالباً لا.

لا يمكن أبداً أن تكون تلك الدرجات الدائمة من الكراهية طبيعية أو مقبولة

إذا فما السبب؟؟

لماذا هذه الدرجة من السواد المقيت وهذا القدر من الغل القاتم؟

الجواب في رأيي لأنهم مضطرون لذلك.

تلك المظالم المتوالية والدرجات البشعة من الجور والبغي والبهتان والتي قرروا أن يكونوا جزءاً منها بأن يوالوا مقترفيها ويقفوا في صفوف من يستحلونها ليلاً ونهارًا = تستلزم ما يوازيها من الكراهية والتهم البشعة والصفات الشنيعة التي تجعل ذلك العدوان الذي يصيب أصحابها شيئاً طبيعًا ومقبولاً وتجعل الراضين به ينامون قريري الأعين.

دماء تراق… وماله
ظلم وقمع.. يستاهلوا
تشويه وافتراء… عادي
انتهاك حرمات وحريات… مايضرش
تكميم أفواه وامتهان… مافيش مشكلة

لكن كلمات من نوعية "وماله" و"عادي" و"يستاهلوا" لن تخرج من دون مقدمات تمهد لهذه النتائج.

مقدمات قد تصل بالمحل الواقع عليه الظلم إلى أن تُنظر إليه نظرة دونية وتلصق به نعوت وصفات تهبط به عن مستوى البشر وترفقه بالحيوانات والبهائم وأحياناً الحشرات.

لكن حتى هذه المخلوقات قد تطلب لها الرحمة ويستحب معها العطف.

فلتتدن منزلة القوم إذاً أكثر حتى يستووا بالشياطين.

فليرموا بالتصهين والماسونية والخيانة والتوحش وربما مص الدماء وأكل لحوم البشر لو اقتضى الأمر، المهم أن يصير ما يصيبهم مناسبًا للبشاعة التي تقرر أن يقولبوا فيها.

كل هذا من الحيل النفسية ليطمس أي صوت يتبقى خافتاً للفطرة المسكينة التي ترفض الظلم.

لا ينبغي أن يكون ظلمًا أصلاً..

لازم يثبت المرء لنفسه أنهم ببساطة يستاهلوا

ولأن الظلم غالباً لا يميز بين فئات المظلومين ودرجات أخطائهم فلابد من حيلة نفسية أخرى وهي التعميم
السيئة تعم.

جريمة ارتكبت هنا
تفجير حدث هناك
مذبحة وقعت هنالك
الكل إذاً متهم والكل مدان..

هكذا ينبغي أن يكون الأمر حتى نستطيع أن نتكيف مع الجور الذي قد يطال الجميع.

في المقابل لا يتصور المظلوم إن في بشر طبيعيين ممكن يقبلوا ويتعايشوا مع ما يحدث له وبالتالي تنتقل إليه العدوى تدريجيًا ويبدأ هو الآخر في اللجوء إلى ذات الحيلة النفسية ولتعمم الصفات البذيئة على كل الخصوم والمخالفين أيا كانت درجة مخالفتهم.

في النهاية ولأجل الإكمال في نفس الطريق لابد أن يلجأ القوم إلى تأجيج الكراهية والمبالغة فيها جداً حتى يصير أهلها شيعاً متشرذمة متفرقة.

لابد أن تستعر الكراهية أكثر وتعم أكثر وأكثر.. 

لكن لابد أن تكون الكراهية من نوع خاص يأكل القلب ويلتهم الروح.

لابد ألا تكون كراهية عادية أو متوسطة أو طبيعية.

لابد أن تكون كراهية شعواء وشنئان خارق مذهل فكراهية عادية.

أبدا لا تكفي

ولن تكفي.. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 2,135

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً