12نصراً حققنا في غزة

منذ 2009-01-15

وإن تأخر عنا أي من معاني النصر فلكي نزداد قرباً من الله وصلة به، ويزداد عواء ونباح المنافقين ليميز الله الخبيث من الطيب فيجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جمعياً فيجعله في جهنم....

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وبعد:
فلا شك أن الناصر هو الله فلا يطلب النصر إلا منه ولا يرتجى إلا هو ولا يدعى أحد سواه، فبه نصول وبه ونجول فهو مسبب الأسباب {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ} [سورة آل عمران: 160]، {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سورة غافر: 51]، {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الروم: 47]، ومع كثرة الآيات التي تعدُ بالنصر إلا إن الواقع والمشاهد على الأرض يفسر بغير النصر.

لذا كان لابد من فهم حقيقة النصر وأن الله قد تحقق وعده في نصر المؤمنين بعد أن اعتمدوا على المسبب وأخذوا بالأسباب فللنصر (12) معنى إلحظ معي كيف تحقق بعضها في غزة:
الأول: أن النصر بمعنى العزة والتمكين وهو أمل كل مسلم وإقامة دولة إسلامية تقام بها الخلافة ويحكم بها في الشريعة وفي الحقيقة هذا لم يتحقق لنبي من الأنبياء عليهم السلام إلا لداود وسليمان ويوسف وللنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، أما باقي الأنبياء عليهم السلام فقد ماتوا ولم يمكنوا في الأرض ولم تقم لهم دول من نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وموسى وعيسى وغيرهم عليهم السلام، فهذا لا يعني الخذلان بل للنصر معنى آخر في حياتهم.

الثاني: النصر بمعنى إهلاك العدو وتشتيته وضربه بعذاب الله وسوط بلائه كما وقع لفرعون، وهامان، وقارون، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط وغيرهم فقد انتصر الأنبياء بإهلاك الأعداء.

الثالث: النصر بالموت على الحق ثابتاً ولو كان الميت كل أهل غزة كما مات أصحاب الأخدود {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} [سورة البروج: 4]، فقد ماتت أمة بأكملها على الحق والإيمان فسمى الله ذلك نصرا، فوالله إنه للنصر أن تموت ثابتاً على الحق رافعاً لراية الدين غير خائن، ولا منافق، ولا متخاذل، عظيم في الحياة وفي الممات "لعمرك تلك احدى المكرمات".

الرابع: النصر بمعنى حماية الله للعصابة المؤمنة رغم القصف بالقنابل الحارقة، والدخان السام، والقصف العشوائي براً وبحراً وجواً، ورغم الجواسيس والمنافقين وخذلان القريب والبعيد، والتخويف والتجويع، لكنهم صابرون منصورون كما يقول صحفي في الإذاعة البريطانية: "لا أقدر أقول شيء سوى إنها العناية الإلهية"، {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [سورة النساء: 141]، {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [سورة المائدة: 67].

الخامس: نصر الحجة برفع الراية وانتشار أخبارهم وهتاف العالم باسمهم فغزة أرض العزة واعتراف العالم بهم وقبول شروطهم وتصديق العالم لرؤيتهم تحقيقاً لقول النبي: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» [رواه مسلم]، فهو انتصار حجة وبيان ولو بغير دولة وسلطان.

السادس: النصر بإحياء روح الجهاد في الأمة التي لطالما حرص الغرب على إماتته في المناهج، وتحويل الجهاد إلى أن تجاهد نفسك، وإلغاء جهاد الكفار والمنافقين والفساق باللسان والسنان، فقد تفجر الدم الطاهر في الأمة منادية بالجهاد حتى لم يجد الخونة من أصحاب الكراسي إلى استهلاك الشارع والاستجابة لندائهم بالدعوة لفتح باب التطوع للجهاد... فيا له من نصر عظيم

السابع: لقد تحقق النصر السابع بتخريب خطط السلام المزعومة خطة كامب ديفد ووادي عربه واتفاقية اوسلو ومدرير التي يراد منها هدم الدين والعقيدة، وكم بذلوا في سبيل ذلك لكن أتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم...

الثامن: وأي نصر أعظم من اصطفاء الشهداء {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [سورة محمد: 4-6]، إن الشهداء في حواصل طبر خضر تطير في الجنة ثم تأوي إلى قناديل تحت العرش... هنيئاً لكم يا من اصطفاكم الله لقد كانت الشهادة أمنية الرجال الكبار فهذا خالد بن الوليد يخوض ( 100) معركة ثم يموت على فراشه، تسعون معركة مرة محجلة من بعد عشر بنان الفتح يحصيها وخالد في سبيل الله موقدها وخالد في سبيل الله مذكيها.

وأما الجرحى «لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة، في جسده وأهله وماله، حتى يلقى الله عز وجل وما عليه خطيئة» [صححه الألباني].

التاسع: لقد ازداد الكره لليهود حتى بلغ ذروته، فكم تلطفوا، وكم حببوا أنفسهم للعالم وسوّقوا لكن الله كشفهم للأجيال الجديدة التي لم تدرك مجازرهم في العقود الماضية.

لقد حاولوا تلميع صورهم ومحي اسم اللعنة عليهم من القرآن والمناهج الدراسية فيأتي هذا النصر في كل العالم في عودة الغضب واللعنات المتتالية على الصهاينة.

العاشر: لقد كشف الله عوار المنافقين {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [سورة التوبة: 47]، من أصحاب الأقلام والأعلام والكراسي فكتبوا بأقلام مسمومة وبأرواح شيطانية خبيثة يشتمون بالمجاهدين ويؤيدون اليهود من طرف خفي ففضحهم الله وارتقع نباحهم وزاد نهيقهم وعوارهم تحقيقاً لقوله تعالى: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [سورة آل عمران: 179]، فأي نصر أعظم من تعرية عباس ودحلان والطاقم المفاوض ومنافقي العرب وكتاب الصحافة والكلاب المأجورة.

الحادي عشر: لقد انتصرنا بسقوط الصورة الوهمية المزعومة للجيش الذي لا يقهر؛ فقتل جنوده وحرقت دبابات الميركافا ودمرت مدنهم واخترق إعلامهم {لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة البقرة: 249].

الثاني عشر: لقد كشف الله عوار من يزعم عداءهم لإسرائيل ظاهراً ويسبها علنا على أنه زعيم النصر الإلهي وأنه على أهبة الاستعداد من داخل جحره. وحينما اشتد الناس طأطأ رأسه واكتفى بالخطاب والتنديد بل سرعة التبرأ من صواريخ الجبهة الشعبية التي أطلقت من جنوب لبنان ويا ليته نسبها لنفسه ولو كذبا...

وختاماً ..
نذكر بقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [سورة الحج: 60]، وإن تأخر عنا أي من معاني النصر فلكي نزداد قرباً من الله وصلة به، ويزداد عواء ونباح المنافقين ليميز الله الخبيث من الطيب فيجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جمعياً فيجعله في جهنم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،








المصدر: موقع الإسلام للجميع

طارق بن محمد الطواري

أستاذ بقسم التفسير والحديث بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف والمأذون الشرعي بوزارة العدل وعضو الرابطة العربية للإنترنت وعضو مبَرة السلام الخيرية

  • 4
  • 0
  • 6,614
  • um hasan

      منذ
    [[أعجبني:]] احياء روح الجهاد في الامه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً