مواعظ القلوب بين الترغيب والترهيب - [07] الدعاء سلاح المؤمن
الدعاء سلاح المؤمنين به يدعون ربهم نداء المستغيثين واستجارات المستجيرين ويزيل همّ المهمومين وينفس الكرب عن المكروبين وقاضي الدَّين عن المدينين وينصر المجاهدين ويُعين المعسرين ويفك أسرى المأسورين، فتح أبواب سماواته وأنزل ملائكته حفظه لعباده وينزل جل وعلا إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل طالباً عباده بكشف ما بهم من ضُر ويغفر لهم ذنوبهم ويقبل توبتهم ويجيب دعاءهم ويعطيهم سؤالهم.
الحمد لله الذي لا إله غيره ربَّ الأرباب ومسبَّب الأسباب واهب العطايا سامع لكل شكوى مجيب الدعاء في البأساء والضراء، والصلاة والسلام على سيد العباد صاحب المقام المحمود في يوم المعاد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم التناد أما بعد:
فقد قال جل وعلا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (سنن الترمذي[3372])، الدعاء سلاح المؤمنين به يدعون ربهم نداء المستغيثين واستجارات المستجيرين ويزيل همّ المهمومين وينفس الكرب عن المكروبين وقاضي الدَّين عن المدينين وينصر المجاهدين ويُعين المعسرين ويفك أسرى المأسورين، فتح أبواب سماواته وأنزل ملائكته حفظه لعباده وينزل جل وعلا إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل طالباً عباده بكشف ما بهم من ضُر ويغفر لهم ذنوبهم ويقبل توبتهم ويجيب دعاءهم ويعطيهم سؤالهم، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح مسلم[758]).
الدعاء شفاء للقلوب ومطلب العارفين ومطيَّة الصالحين ونيل السعادة في الدارين فاجعل نفسك رحمك الله من الفائزين من عطايا رب العالمين. قال عبدالله الأنطاكي رحمه الله: "دواء القلب خمسة أشياء مجالسة الصالحين و قراءة القرآن و إخلاء البطن من الحرام وقيام الليل والتضرع عند الصبح". وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "الدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء ويدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه وهو سلاح للمؤمن". وقال سفيان بن عيينه رحمه الله: "لا يمنعنّ أحد الدعاء ما يعلم في نفسه من تقصير فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون". وقال المناوي رحمه الله: "إذا تمنى أحدكم خيرًا من خير الدارين فلْيكثر الأماني فإنما يسأل ربه الذي رباه وأنعم عليه وأحسن إليه فليعظم الرغبة ويوّسع المسألة؛ فينبغي للسائل الإكثار ولا يختصر ولا يقتصر فإن خزائن الجود سحّاء ليلاً ونهاراً ولا يفني عطاؤه عز وجل".
فإذا كنت يا رعاك الله من الموفَّقين باغتنام فرص الدعاء فاعلم أن ذلك من سلامة قلبك وجودة رأيك واعلم رحمك الله إنك لن تخسر شيئًا في دعائك ولن ترجع صفر اليدين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النبي صلى الله عليه وسلم لليمن فقال: « » (صحيح البخارى[2448])، و قال النبي صلى الله عليه وسلم: « »(صحيح الترغيب[2714])، وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "إني لا أحمل همّ الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء". وسُئل الإمام أحمد رحمه الله كم بيننا وبين عرش الرحمن فقال: "دعوة صادقة".
» (حلية الأولياء[6/339])، وإيّاك ودعوة المظلوم فقد قال معاذ ابن جبل رضى الله عنه بعثنيأيسرك أخي في الله أن دعواتك تصعد إلى مولاك الكريم إذا أخذت هذه الأسباب المعينة على إجابة الدعاء:
1- أن تكون عالماً بأن الله المتفرد بإجابة الدعاء {أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل:62].
2- أن تدعو الله ولا تشرك به شيئًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن العباس رضي الله عنهما: «
» (مسند أحمد[4/233]).3- الطهارة.
4- استقبال القبلة.
5- رفع اليدين.
6- البدء بالتحميد والتمجيد والتسبيح لله عز وجل والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم.
7- إطابة المطعم والمشرب والملبس.
8- تقديم عمل لله عز وجل في الدعاء بالتوسل بالأعمال الصالحة.
9- الدعاء بخشوع وتذلل وعدم رفع الصوت والاعتراف بالذنب.
10- تجنب الاستعجال بإجابة الدعاء قال النبي صلى الله عليه وسلم: «البخاري[6340])، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح مسلم[2735]).
» (صحيح11- إحسان الظن بالله عز وجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (سنن الترمذي[3479]).12- حضور القلب مُقبلاً غير مُدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
» (سنن الترمذي[3479]).13- يختم دعاءه بالتسبيح والتحميد والتمجيد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واعلم رحمك الله بأن هناك مواطن لإجابة الدعاء اجتهد فيها، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إذا جُمع مع الدعاء حضور القلب وصادف وقتًا من أوقات الإجابة السِّتة وهي الثلث الأخير من الليل وعند الأذان وبين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبة وعند صعود المنبر يوم الجمعة حتى تُقضى الصلاة وآخر ساعة من يوم الجمعة وصادف ذلك خشوعًا وخضوعًا في القلب وانكسارًا بين يديه بذل وانكسار ورقة واستقبال للقبلة وكان على طهارة ورفع يديه وبدأ بالحمد والثناء عليه ثم يصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم يُقدم حاجته بالتوبة والاستغفار ثم يدخل على الله ويلح عليه بالمسألة ودعاه رغبةً ورهبةً وتوسل بأسمائه وصفاته وتوحيده ويُقدم بين يديه صدقة".
وقال سهل بن عبد الله رحمه الله: "شروط الدعاء سبعة أولها التضرع والخوف والرجاء والمداومة والخشوع والعموم وأكل الحلال". وقال سهل بن عبدالله رحمه الله: "من أكل الحلال أربعين صباحًا أجيبت دعوته". وقال وهب بن منبه رحمه الله: "من سرّه أن يستجيب الله دعوته فلْيطب طعمته". وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: "بلغنا أن دعاء العبد يُحبس عن السماوات بسوء المطعم". وقال بعض السلف رحمهم الله: "لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طُرقها بالمعاصي".
ما لنا ندعوا الله ولا يستجاب لنا!! قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: "لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه وعرفتم رسوله صلى الله عليه وسلم فلم تتبعوا سنته وعرفتم القرآن فلم تعملوا به وأكلتم نِعمَ الله فلم تؤدوا شكرها وعرفتم الجنة فلم تطلبوها وعرفتم النار فلم تهربوا منها وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه وعرفتم الموت فلم تستعدوا له ودفنتم الأموات فلم تعتبروا وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس".
- التصنيف:
- المصدر: