بين الأعلام و مرجئة السلطان - هل يُعاوَن الحاكم الجائر ..
هل يُعاوَن الحاكم الجائر ..
تَنزُّلًا : .. خَلّوا الحكام المحاربين للشريعة ؛ جائرين ظالمين لا كافرين مُرتدّين !
فهل من مذهب السلف .. معاونة الجائر، وتثبيت عَرشه ومُلكه، ونُصرة طريقته، وتأليبه على مُخالفيه، واستباحة حُرُماتهم ؟!
كما تفعلون أنتم وأشياعُكم، عَبر منابركم، وخُطبكم، وكتاباتكم ؟!!
= قال مُلّا عليّ القاري رحمه الله، في مِرقاة المفاتيح:
( ورُوي أن خياطًا، سأل عبدَ الله بن المبارك، عن خياطته للحُكّام: هل أنا داخل في قوله تعالى: " ولا تَركنوا إلى الذين ظلَموا " ؟!!
قال: بل يدخل فيه مَن يَبيعك الإبْرة ).
= وقال ابن عطية رحمه الله، في المُحرَّر الوجيز :
( واحتجّ أهل العلم والفضل بهذه الآية " ولا تَركنوا ... "، في منع خدمة أهل الجور، ومَعونتهم في شيء من أمرهم، ورأوا أنها تتناول ذلك. نصّ عليه عطاء بن أبي رباح وغيره ).
= وقال القرطبي رحمه الله، في تفسيره :
( وقال عبيد الله بن الوليد الوصّافي: قلت لعطاء بن أبي رباح: إن لي أخًا يأخذ بقلمِه -الوالي الحاكم-، وإنما يَحسب ما يدخل ويخرج ، وله عيال، ولو ترك ذلك لاحتاج وادّان ؟!
فقال: مَن الرأس ؟ قلت: خالد بن عبد الله القَسْري -أحد أمراء بني أميّة، وكان فيه ظلم- .. قال: أما تقرأ ما قال العبدُ الصالح :
" ربِّ بما أنعمتَ عليَّ فلَن أكُونَ ظهيرًا للمُجرمين " ... ؟!
فلا يُعِنهم أخوك .. فإن الله يُعينه !
قال عطاء: فلا يَحِلّ لأحدٍ أن يُعين ظالمًا، ولا يَكتب له، ولا يَصحبه، وأنه إن فعل شيئًا من ذلك ؛ فقد صار معينًا للظالمين ).
= وقال ابن تيمية رحمه الله، في الفتاوى :
( وقد قال غيرُ واحد من السلف: أعوان الظلمة؛ مَن أعانهم ولو أنه لاقَ لهم دواةً، أو برَى لهم قلمًا، ومنهم من كان يقول : بل مَن يغسل ثيابَهم؛ من أعوانهم ).
** وفي الجملة .. فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله :
( ولا يَحلّ للرجل أن يكون عونًا على ظلم، فإن التعاون نوعان: الأول: تعاون على البر والتقوى ... والثاني: تعاون على الإثم والعدوان؛ كالإعانة على دم معصوم، أو أخذ مال معصوم، أو ضرب من لا يستحق الضرب، ونحو ذلك؛ فهذا الذي حرَّمه الله ورسوله ... فإن الإعانة على الظلم ظلم ). انظر: مجموع الفتاوى
= وقال أيضًا :
( فالظالم لا يجوز أن يُعاوَن على الظلم، لأن الله تعالى يقول :
" وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تَعاونوا على الإثم والعُدوان ".
وقال موسى: " ربّ بما أنعمتَ عليَّ فلن أكون ظهيرًا للمجرمين ".
وقال تعالى: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ".
فلا يجوز أن يُعان أحدٌ .. لا وليّ أمر، ولا غيره .. ؛ على ما حرَّمه الله ورسوله ). انظر: منهاج السُّنة
قلتُ :
فشتّان شتّان بين ما كان عليه سلفُ الأمّة الأكابر، في معاملة الجائرين والظالمين .. وما عليه شيوخ السلطان اليومَ !
ناهيك عن كون الجائر على عهد السلف؛ كان مُقيمًا للشريعة والجهاد، حاميًا للثغور والبلاد، قائمًا بأمر المسلمين في غالب حاله !
بخلاف طواغيت اليوم، الذين تَعدّوا حدود الظلم والطغيان، إلى شُعَب الردَّة والكفران، وجعلوا من المسلمين ودينهم؛ كلأً مباحًا، للكافرين والمنافقين هنا وهناك !
ومع ذلك .. تجد من هؤلاء المنافقين، المُدّعين للعلم والدّين؛ من يؤيّدهم، ويَنحاز إليهم، بل ويدعوهم جهارًا نهارًا؛ إلى سفك الدماء المعصومة، وانتهاك الحُرمات المَصونة !
فلا شكّ أنهم بإعانتهم؛ أجرَم .. ووِزْرهم سواء .. وعاقبتهم أطمّ !
وربُّك على كلّ شيءٍ شهيد !
- التصنيف: