تسليم المسلمات للكنيسة مصيبة
منذ 2010-05-25
الأحداث في مصر بل والعالم العربي تتصاعد على مختلف الاتجاهات، وكلها تدل على تضييع معالم الإسلام ما بين تغريب وعلمانية مفروضة بالقوة، وموجات هدامة من الأفكار الدخيلة من بهائية وأحمدية وشيعة رافضة..
الأحداث في مصر بل والعالم العربي تتصاعد على مختلف الاتجاهات، وكلها
تدل على تضييع معالم الإسلام ما بين تغريب وعلمانية مفروضة بالقوة،
وموجات هدامة من الأفكار الدخيلة من بهائية وأحمدية وشيعة رافضة.
لكن ملف التنصير في مصر وبعض الدول العربية ظهر بقوة خاصة بعد 11 سبتمبر، وفوبيا العداء للإسلام التي انتشرت في الغرب، فعمل نصارى مصر على الاستقواء بالغرب علانية، ومقاومة سلطة الدولة بكل وضوح وسفور.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت على السطح قضية جديدة لم يكن لها سابقة في مصر؛ ألا وهي تسليم النساء اللاتي أسلمن طواعية واختيارًا وحبًّا للإسلام إلى الكنيسة كي يرجعن إلى حظيرة الكفر قهرًا.
وقد ظهرت هذه القضية الخطيرة عام 2005م في قضية إسلام السيدة "وفاء قسطنطين" المهندسة، التي لجأت وآمنت بالإسلام عن اقتناع، وهي المتعلمة تعليمًا عاليًا فلا يقدح في إسلامها أدنى شبهة كانت، ولكن الكنيسة المصرية أشعلت النار وأطلقت سلاح الإشاعات حول إسلام السيدة، ونظمت المظاهرات الصاخبة المخالفة للقانون، والتي تهجَّم فيها المجتمعون على الإسلام وعلى رئيس الجمهورية، وطلب النصرة من بوش وشارون، بل تطور الأمر إلى استخدام القوة والتعدي على رجال الأمن وإصابتهم، ولم تتحرك الدولة ولا أجهزتها تجاه تلك المخالفات الصارخة للقانون، بينما تعتقل الشباب المسلم في أدنى من ذلك.
ثم توالت المفاجآت على مختلف الأصعدة، فقد صدر قرار رئاسي بتسليم السيدة إلى الكنيسة، وكأنها خالفت القانون فوجب القبض عليها وتسليمها وتصحيح تلك المخالفة، مع أن الدستور المصري الوضعي في مادته الثانية ينص على أن دين الدولة الإسلام، وأن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وبتلك المرجعية الدستورية وجب على الدولة حمايتها لا القبض عليها وتسليمها لمن فرت منهم إلى الإسلام دين الدولة ومرجعيته الدستورية.
ولكن الأمر الملفت أيضًا أن منظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا حقوق الإنسان والمرأة وشنَّفت الآذان بالدفاع المتنوع في قضايا أصغر وأقل من ذلك بكثير، لم نسمع لهم همسًا!! فأين حق الإنسان وحريته في الاختيار؟!
ولم ولن ننسى وينسى التاريخ موقف تلك المنظمات في قضية سلمان رشدي وتسليمة نسرين البنغالية اللذين ارتدا عن الإسلام، وقالوا أنه حقهم!!
أيتها المنظمات التي خلعت برقع الحياء في قضايا المرأة، تحت حجة حقها في الحرية؟! أين حقوق المرأة المسلمة؟! أصاب الجميع الصمم والخرس والتواطؤ على قبول إكراه المرأة المسلمة بهذه الطريقة الفجة العلنية.
وقد أعقب ذلك حادثة مشابهة في نفس التوقيت لامرأة أسلمت تُدعى "ماري عبدالله"، وهذه المرة كانت الطامة أشد والمصيبة أنكى؛ فقد ذهبت المرأة طواعية واختيارًا إلى شيخ الأزهر مباشرة؛ فردَّها وأرجأ إشهار إسلامها حتى يتفاوض مع الكنيسة، وقيل أنه في قضية وفاء طلب منها أن تكتم إسلامها وردها إلى الكنيسة.
وصاحب ذلك اتخاذ الأنبا شنودة ـ بابا النصارى الأرثوذكس في مصر ـ أسلوب الاعتكاف في الدير للضغط على الدولة في الاستجابة لما يطلبه، مع إثارة النصارى الأقباط في المهجر بالتوازي كي يحقق ما يريد مستغلًا المناخ الدولي وسيطرة السياسة الأمريكية على مقاليد القرارات في معظم أنحاء العالم، وأيضًا ضعف الدولة والحكومة المصرية بشأن اتخاذها أي قرار يخص النصارى الأقباط في مصر، وهو أسلوب دأب على اتخاذه منذ توليه كرسي البابوية عام 1971م، وقد اصطدم سابقًا بالرئيس السادات، الذي أصدر قرارًا بعزله وتحديد إقامته في دير وادي النطرون، ولكنه عاد بعد وفاة السادات وتمتع هو والنصارى في مصر بامتيازات لم تكن لها سابقة، خرقت كل الأطر والقوانين المتعارف عليها والمعمول بها، وكانت سياسة الحكومة معه دائمًا هي محاولة استرضائه على حساب القانون.
وأُعطي النصارى في مصر امتيازات زادت من أطماعهم دائمًا، حتى كانت الواقعة الأخيرة بتسليم وفاء قسطنطين إلى الكنيسة وتبعتها ماري عبدالله، وهما مسلمتان وجب على الدولة حمايتهما بموجب القانون، وكان محصلة تلك الواقعة أن تأكد لدى المراقبين جميعًا أن الكنيسة المصرية دولة داخل الدولة، لها حصانتها ولها قانونها، وانبرى فقهاء القانون في مصر ينددون بتلك التجاوزات من الدولة والكنيسة على حساب الدين الإسلامي والدستور والقانون المصري، وكان على رأسهم المستشار "طارق البشري" رئيس مجلس الدولة السابق، وكتب في ذلك مقالات اهتزت لها مصر، وتحدث في مقال واحد عن مليار دولار تصل إلى الكنيسة المصرية سنويًّا بدون رقابة من الدولة المصرية وأجهزتها الرقابية المالية.
ولكن الدولة لم تتحرك ولم ترد، ولم تتخذ أي موقف لإعادة تأصيل وضع الكنيسة، وبدا وكأنها متواطئة أمام العيان، وفي نفس الوقت تحاصر الدعوة الإسلامية بقيود لمنع الدعاة وتضيق على الدعوة في شتى المجالات؛ مما خلَّف احتقانًا خفيًّا غير عادي عند الشعب المصري.
ثم كانت المفاجأة الأخرى بعدها التي تفجرت في مدينة الفيوم في جنوب مصر، وهي محافظة هادئة لم يُعرف للنصارى فيها حركة كمدينة أسيوط مثلًا، حيث ظهر تجمع متظاهر في إحدى الكنائس يحملون الصليب بصورة ملفتة ويهتفون "بالروح والدم نفديك يا صليب"، وكأن الصليبية عادت في مصر، ويطالبون بعودة فتاتين أسلمتا لله اسميهما ماري وتريزة، وهما طالبتان في نهائي كلية الطب؛ ليزداد وضوحًا أن اللائي يسلمن متعلمات يسلمن لله الواحد الأحد عن قناعة، وتكرر نفس السيناريو السابق مع وفاء قسطنطين، وقامت الدولة بتسليمهما لأهاليهما، بعد ما نُشر هذه المرة أنهما رفضتا كل كلام القساوسة الذين حاولوا إقناعهما بالعودة للمسيحية، ويزداد الأمر سوءًا حيث نُشر أنهما تم حلق شعورهما تمامًا وحبسهما في أحد الأديرة.
ولقد حُبست سابقًا وفاء قسطنطين وماري بالدير، ولم يُعلم عنهما أي شيء حتى الآن، وقيل أنهما قُتلا، خاصة وفاء قسطنطين التي نُشر خبر قتلها عدة مرات في وسائل إعلام مختلفة، ولم تستطع الكنيسة نفيه بصورة قاطعة.
والعجيب أن تلك الأديرة التي تقع في جمهورية مصر العربية لا سلطان للدولة عليها مطلقًا، بل ولا تستطيع الدولة منع قسيس من أي خطاب ديني مهما كانت خطورته أو مخالفته للقانون أو معارضته للإسلام، ولا حتى إشراف للعلم فقط، بينما المساجد والخطباء والدروس تحت سلطان رهيب من إدارة ورقابة الدولة.
ذلك بخلاف التعرض بالاعتقال للشباب المسلم المتدين لأصغر الأمور، وللشبهة والتشدد في منع الخطباء المعروفين أصحاب الجماهيرية، والتضييق على الدعوة الإسلامية.
وبتلك الواقعات المتكررة وغيرها ، وآخرها واقعة الفتاة عبير ناجح في المنيا في عام 2009م؛ وضح من كل ذلك أن الدولة راضخة للكنيسة، واتخذت قرارًا بتسليم كل من تطالب الكنيسة بتسليمهم من النساء اللاتي أسلمن لله، ولكن حتى متى؟!
فما يحدث إكراه ديني علني أمام العالم جميعًا المتشدق بالحرية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، فأين تقارير الإكراه والاضطهاد الديني التي ملأت بها أمريكا العالم شرقًا وغربًا؟! وأين جمعيات حقوق المرأة في مصر والعالم العربي، بل في العالم أجمع؟! وأين المنظمات الدولية المدنية الحقوقية؟!
والملفت أن ظهرت وقتها مشكلة الفتاة القاصر "زينب" التي نشرت قصتها جريدة الأسبوع المصرية، ولم تستطع الدولة أن تستردها من الكنيسة، وذلك عقب واقعة وفاء قسطنطين، وقيل أنها تنصرت وارتدت عن الإسلام، وقد ناشد والدها الرئيس المصري التدخل من أجل استعادة ابنته، وقد عادت زينب إلى بيتها بعد شهور طويلة وأعلنت توبتها ورجوعها إلى الإسلام وكشفت كيف تم تنصريها من الكنيسة، لكن لم يتم أي تصرف قانوني يُذكر في هذه الواقعة!!
وليكن واضحًا أن المطالب القبطية التي أطلق عليها البعض أنها متشددة ومتعصبة في الآونة الأخيرة بإلغاء النص الدستوري في المادة الثانية من الدستور، وفيها أن الإسلام دين الدولة الرسمي، وأن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، تقترب من تحقيق آمالها وطلباتها عن طريق عدم إعمال هذه المرجعية تمامًا؛ ومن ثم يسهل إلغاؤها بعد أن تحولت واقعيًّا إلى شكل لا قيمة له، وإن لم يتم هذا الآن وعاجلًا فسوف يتم مستقبلًا، وقد أُثير وأُعلن في هذا السياق الشروع في إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية وجواز السفر.
وأخيرًا تبقى المصيبة العظمى في الدعاة والهيئات والجمعيات الإسلامية التي سكت البعض منهم سكوت الأموات على حقوق الإسلام والمسلمين، وهي تضيع ولم تتحرك ولو بشطر كلمة، وهو موقف يثير مشاعر الضعف والهوان عند الشعب المسلم، أما بعض المنتسبين للأزهر ومن على قمته فحسابهم عند الله.
الكل سكت ليبقى أن يعي من لم يعِ أن المؤامرة على الإسلام فقط.
لذلك وجب على كل من يحمل هم الإسلام أن يتيقظ ولا يقع في هاوية الشعارات الغربية.
فقد سقطت كل المقولات والشعارات، ولم يبق حصن للإسلام إلا أبناءه، فهل هم متيقظون منتبهون؟!
18 - 3 - 2009 م
- التصنيف:
المهاجر
منذ