مع القرآن - {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين}

منذ 2016-06-02

قبل هذا الموقف الصعب تأمل طوق النجاة: كتاب الله، اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر ونهى.

عن أي شيء ربنا أكدت على سؤالنا؟

عن كل غائبة وشاردة وواردة.

{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ ۖ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف:7].

انتباه:

قبل هذا الموقف الصعب تأمل طوق النجاة:

- كتاب الله.

- اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر ونهى.

وياللعجب من ندم القرى الظالمة التي ما أفاقت إلا بعد أن أتاها العذاب وقد ضيعت طوق النجاة: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ . فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} الأعراف:4-5].

الآن تأمل معي سياق الآيات:

{كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ . اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ . وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ . فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ . فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ . فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ ۖ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف:2-7].

قال السعدي في تفسيره:

"يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم مبينًا له عظمة القرآن: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ} أي: كتاب جليل حوى كل ما يحتاج إليه العباد، وجميع المطالب الإلهية، والمقاصد الشرعية، محكمًا مفصلًا {فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ} أي: ضيق وشك واشتباه، بل لتعلم أنه تنزيل من حكيم حميد {لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]، وأنه أصدق الكلام فلينشرح له صدرك، ولتطمئن به نفسك، ولتصدع بأوامره ونواهيه، ولا تخش لائمًا ومعارضًا.

{لِتُنذِرَ بِهِ} الخلق، فتعظهم وتذكرهم، فتقوم الحجة على المعاندين. {وَ} ليكون {ذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ} كما قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55]، يتذكرون به الصراط المستقيم، وأعماله الظاهرة والباطنة، وما يحول بين العبد، وبين سلوكه.

ثم خاطب اللّه العباد، وألفتهم إلى الكتاب فقال: {اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} أي: الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم، وهو: {مِّن رَّبِّكُمْ} الذي يريد أن يتم تربيته لكم، فأنزل عليكم هذا الكتاب الذي، إن اتبعتموه، كملت تربيتكم، وتمت عليكم النعمة، وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ومعاليها {وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} أي: تتولونهم، وتتبعون أهواءهم، وتتركون لأجلها الحق. {قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} فلو تذكرتم وعرفتم المصلحة، لما آثرتم الضار على النافع، والعدو على الوليِّ.

ثم حذرهم عقوباته للأمم الذين كذبوا ما جاءتهم به رسلهم، لئلا يشابهوهم فقال: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} أي: عذابنا الشديد {بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} أي: في حين غفلتهم، وعلى غرتهم غافلون، لم يخطر الهلاك على قلوبهم. فحين جاءهم العذاب لم يدفعوه عن أنفسهم، ولا أغنت عنهم آلهتهم التي كانوا يرجونهم، ولا أنكروا ما كانوا يفعلونه من الظلم والمعاصي.

{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} كما قال تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ . فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ . لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ . قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ . فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبياء:11-15].

وقوله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ} أي لنسألن الأمم الذين أرسل اللّه إليهم المرسلين عمّا أجابوا به رسلهم، {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] الآيات..

{وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} عن تبليغهم لرسالات ربهم وعما أجابتهم به أممهم

{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم} أي على الخلق كلهم ما عملوا {بِعِلْمٍ} منه تعالى لأعمالهم {وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} في وقت من الأوقات كما قال تعالى: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة من الآية:6]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} [المؤمنون:17]".

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 1
  • 0
  • 14,048
المقال السابق
الوصايا
المقال التالي
{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً