مع القرآن - الغنائم

منذ 2016-08-08

الإسلام لم يحارب من أجل غنائم أو طمعاً في ثروات و إنما الجهاد خادم للدعوة يشق لها الطريق إذا واجهتها السدود و العراقيل .
و إن غنمت الجيوش الإسلامية فالغنائم توضع في مصالح الأمة ثم توزع على الجيش الغانم نفسه .
و يظهر ذلك بجلاء من توزيع القرآن لخمس المغنم الخاص بالله و رسوله و هما غنيان عنه حيث يقسم خمسة أسهم، سهم للّه ولرسوله، يصرف في مصالح المسلمين العامة، من غير تعيين لمصلحة، لأن اللّه جعله له ولرسوله، واللّه ورسوله غنيان عنه، فعلم أنه لعباد اللّه, فإذا لم يعين اللّه له مصرفا، دل على أن مصرفه للمصالح العامة.
والخمس الثاني: لذي القربى.
والخمس الثالث لليتامى .
والخمس الرابع للمساكين.
والخمس الخامس لابن السبيل .
وجعل اللّه أداء الخمس على وجهه شرطا للإيمان فقال: { إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ }.
تأمل :
{ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال 41 - 42] .
قال السعدي في تفسيره  : يقول تعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ } أي: أخذتم من مال الكفار قهرا بحق، قليلا كان أو كثيرا. { فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ } أي: وباقيه لكم أيها الغانمون، لأنه أضاف الغنيمة إليهم، وأخرج منها خمسها.فدل على أن الباقي لهم، يقسم على ما قسمه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: للراجل سهم، وللفارس سهمان لفرسه، وسهم له.
وأما هذا الخمس، فيقسم خمسة أسهم، سهم للّه ولرسوله، يصرف في مصالح المسلمين العامة، من غير تعيين لمصلحة، لأن اللّه جعله له ولرسوله، واللّه ورسوله غنيان عنه، فعلم أنه لعباد اللّه.فإذا لم يعين اللّه له مصرفا، دل على أن مصرفه للمصالح العامة.
والخمس الثاني: لذي القربى، وهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وبني المطلب.وأضافه اللّه إلى القرابة دليلا على أن العلة فيه مجرد القرابة، فيستوي فيه غنيهم وفقيرهم، ذكرهم وأنثاهم.
والخمس الثالث لليتامى، وهم الذين فقدت آباؤهم وهم صغار، جعل اللّه لهم خمس الخمس رحمة بهم، حيث كانوا عاجزين عن القيام بمصالحهم، وقد فقد من يقوم بمصالحهم.
والخمس الرابع للمساكين، أي: المحتاجين الفقراء من صغار وكبار، ذكور وإناث.
والخمس الخامس لابن السبيل، وهو  الغريب المنقطع به في غير بلده، [وبعض المفسرين يقول إن خمس الغنيمة لا يخرج عن هذه الأصناف ولا يلزم أن يكونوا فيه على السواء بل ذلك تبع للمصلحة وهذا هو الأولى] وجعل اللّه أداء الخمس على وجهه شرطا للإيمان فقال: { إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ } وهو يوم { بدر } الذي فرق اللّه به بين الحق والباطل. وأظهر الحق وأبطل الباطل.
{ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ } جمع المسلمين، وجمع الكافرين،أي: إن كان إيمانكم باللّه، وبالحق الذي أنزله اللّه على رسوله يوم الفرقان، الذي حصل فيه من الآيات والبراهين، ما دل على أن ما جاء به هو الحق. { وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لا يغالبه أحد إلا غلبه.
{ إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا } أي: بعدوة الوادي القريبة من المدينة، وهم بعدوته أي: جانبه البعيدة من المدينة، فقد جمعكم واد واحد.
{ وَالرَّكْبُ } الذي خرجتم لطلبه، وأراد اللّه غيره { أَسْفَلَ مِنْكُمْ } مما يلي ساحل البحر.
{ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ } أنتم وإياهم على هذا الوصف وبهذه الحال { لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ } أي: لا بد من تقدم أو تأخر أو اختيار منزل، أو غير ذلك، مما يعرض لكم أو لهم، يصدفكم عن ميعادكم.
{ وَلَكِنْ } اللّه جمعكم على هذه الحال { لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا } أي: مقدرا في الأزل، لا بد من وقوعه.
{ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ } أي: ليكون حجة وبينة للمعاند، فيختار الكفر على بصيرة وجزم ببطلانه، فلا يبقى له عذر عند اللّه.
{ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ } أي: يزداد المؤمن بصيرة ويقينا، بما أرى اللّه الطائفتين من أدلة الحق وبراهينه، ما هو تذكرة لأولي الألباب.
{ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } سميع لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات، عليم بالظواهر والضمائر والسرائر، والغيب والشهادة.

أبو الهيثم 
#مع_القرآن

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 2
  • 0
  • 7,457
المقال السابق
جهادنا أم إجرامكم
المقال التالي
من مكر الله بالكافرين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً