مع القرآن - انبهار يقود إلى عمل

منذ 2016-12-01

كل الكون مسخر لك بتلك الآليات المبهرة لتتمكن من إخلاص العبادة لله وحده

آيات الله المرئية وتلك الشواهد التي لا تنقطع ما استمرت بنا الأنفاس ما هي إلا براهين يزداد المؤمن بها يقينًا يقوده إلى العمل والتقوى الذي لا يعني سوى فعل ما أمر الله به والانتهاء عما نهى عنه. هذه الخلاصة: كل الكون مسخر لك بتلك الآليات المبهرة لتتمكن من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ولتتق الله فتفعل ما أمر وتنتهي عما نهى وزجر. فهل وعينا؟!

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} [يونس:5 - 6].

قال السعدي في تفسيره:
لما قرر ربوبيته وإلهيته، ذكر الأدلة العقلية الأفقية الدالة على ذلك وعلى كماله، في أسمائه وصفاته، من الشمس والقمر، والسماوات والأرض وجميع ما خلق فيهما من سائر أصناف المخلوقات، وأخبر أنها آيات {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} و{لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ}.
فإن العلم يهدي إلى معرفة الدلالة فيها، وكيفية استنباط الدليل على أقرب وجه، والتقوى تحدث في القلب الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، الناشئين عن الأدلة والبراهين، وعن العلم واليقين.
وحاصل ذلك أن مجرد خلق هذه المخلوقات بهذه الصفة، دال على كمال قدرة الله تعالى، وعلمه، وحياته، وقيوميته، وما فيها من الأحكام والإتقان والإبداع والحسن، دال على كمال حكمة الله، وحسن خلقه وسعة علمه. وما فيها من أنواع المنافع والمصالح -كجعل الشمس ضياء، والقمر نورا، يحصل بهما من النفع الضروري وغيره ما يحصل- يدل ذلك على رحمة الله تعالى واعتنائه بعباده وسعة بره وإحسانه، وما فيها من التخصيصات دال على مشيئة الله وإرادته النافذة.
وذلك دال على أنه وحده المعبود والمحبوب المحمود، ذو الجلال والإكرام والأوصاف العظام، الذي لا تنبغي الرغبة والرهبة إلا إليه، ولا يصرف خالص الدعاء إلا له، لا لغيره من المخلوقات المربوبات، المفتقرات إلى الله في جميع شئونها.
وفي هذه الآيات الحث والترغيب على التفكر في مخلوقات الله، والنظر فيها بعين الاعتبار، فإن بذلك تنفتح البصيرة، ويزداد الإيمان والعقل، وتقوى القريحة، وفي إهمال ذلك، تهاون بما أمر الله به، وإغلاق لزيادة الإيمان، وجمود للذهن والقريحة.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 1,724
المقال السابق
ويلق لأهل العناد
المقال التالي
رضوا بالحياة الدنيا

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً