الحرب على الإسلام لن تستثني أحدًا

منذ 2017-01-26

إن شكل الحرب وشمولها جميع المسلمين لن يختلف أو يتغير.

مخطئ من عموم المسلمين أو بعض نخبها -إن صح التعبير- من يظن أنه سيستثنى من الحرب التي يشنها أعداء الدين الخاتم عليه وعلى أمثاله إن هو أعلن إنتمائه لما يسميه الغرب "الإسلام المعتدل"، أوتبرئ -كما يطلبون منه- من "الإسلام المتشدد" حسب زعمهم، والذي جعلوه وصفًا ملازمًا لكل مسلم من أهل السنة لا يرضخ لأجندة الغرب ومخططاته، ويحاول مقاومة أطماعه في الدول العربية والإسلامية.

فالحرب على دين الله الإسلام هي في الحقيقة حرب شاملة ولن تستثني أحدًا من الموحدين، والأدلة على ذلك تاريخيًا ومن واقع المسلمين المعاصر أكثر من أن تحصى، فهل ميز الغزاة الفرنسيين -مثلًا- في الجزائر بين صوفي وسلفي أو بين أشعري وماتريدي حين قتلوا من أهلنا هناك أكثر من مليون شهيد مسلم؟! ولعل ما يجري اليوم على أرض الواقع في شتى بلاد المسلمين خير شاهد ودليل على ما سبق، فالقصف الروسي الذي يستهدف المسلمين في سورية لا يستثني الصوفي أو الأشعري، بل يطال القصف كل من يحمل السلاح من أهل السنة ضد طاغية الشام، ومن هنا يسعى المجرم "بوتين" لوصم كل فصائل المقاومة السورية -إن صح التعبير- بالإرهاب، دون النظر إلى مذهبها في العقيدة أو الفقه أو...


وإذا انتقلنا إلى واقع المسلمين في شتى بقاع الأرض، فإن شكل الحرب وشمولها جميع المسلمين لن يختلف أو يتغير، بل ربما تكون الحرب على دين الله في دول "شرق آسيا وجنوبها الشرقي" مثلًا أشد إجلاء لشمولية استهداف جميع المسلمين وكل من ينتمي لهذا الدين دون استثناء.
فالحرب المستعرة ضد مسلمي الروهنجيا في بورما من قبل الحكومة البوذية هناك مستمرة دون توقف، رغم أن المسلمين هناك لم يعلنوا انتماءهم للسلفية مثلًا، بل ربما لا يعلمون شيئًا عن الفرق بين السلفية والصوفية أو بين المذهب الأشعري في العقيدة أو الماتريدي، أو الفرق بين المذهب المالكي والشافعي والحنفي في الفقه.

وهكذا يمكن وصف جميع حملات الإضطهاد والتمييز ضد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بأنها حملات لا تميز بين مسلم ومسلم ما دام ينتمي إلى هذا الدين الخاتم ويعلن أنه من أتباع أهل السنة والجماعة. وضمن هذا السياق يمكن فهم ما يجري في بنجلادش المسلمة منذ سنوات، حيث يستمر مسلسل تصفية رموز الجماعة الإسلامية هناك، رغم أن المعروف أن الجماعة ليست سلفية ولم تعلن ذلك في يوم من الأيام. ومع ذلك لم تستثن الحكومة العلمانية هناك هذه الجماعة من حربها المعلنة ضد الإسلام والمسلمين، فقد أيدت المحكمة العليا في بنغلاديش منذ أيام حكم الإعدام الصادر بحق "مير قاسم علي"، عضو المجلس التنفيذي المركزي لحزب الجماعة الإسلامية، لإدانته بارتكاب ما يسمى "جرائم خلال حرب الإستقلال في البلاد عام 1971م".
 

وأعلن رئيس هيئة المحكمة المكونة من 5 أعضاء "سوريندرا كومار سينها" أنه تم رفض طلب الاستئناف المقدم من علي ( 63 عامًا)، لإعادة النظر في حكم الإعدام الذي أصدرته بحقه عام 2014 م "محكمة جرائم الحرب الدولية" التي أسستها رئيسة الحكومة العلمانية هناك الشيخة حسينة في العاصمة دكا عام 2009م كغطاء لمحاربة دين الله الخاتم وأتباعه في البلاد. وعلى الرغم من وضوح ظاهرة تسييس هذه المحكمة من قبل الحكومة للإنتقام من رموز الجماعة الإسلامية في بنغلادش، وعلى الرغم من الإنتقادات الكثيرة الموجهة لهذه المحكمة، ومنها على سبيل المثال التقرير الذي أصدره الإتحاد الدولي للمحاميين عام 2013م، والذي أكد فيه أن المحكمة مستمرة في انتهاك حق المحاكمة العادلة، معربًا عن القلق البالغ من أن القرارات التي تتخذها تلك المحكمة لن تكون عادلة، مشددًا على ضرورة خروج المحكمة من الإطار السياسي إلى القانوني، وإلا فإنه سيتم إنتهاك قوانين البلاد والقانون الدولي على حد سواء... إلا أن الحكومة العلمانية مستمرة في التعامي عن ذلك في سبيل الاستمرار في حربها المعلنة ضد الإسلام وأتباعه في البلاد.

وأسوة بمن سبقه من قادة الجماعة الإسلامية الذين تم تنفيذ حكم الإعدام فيهم بعد يوم واحد -أو أكثر- من رفض المحكمة العليا استئنافهم وتأييد حكم الإعدام فيهم، فمن المرجح أن تعدم السلطات البنغلاديشية السيد مير قاسم علي اليوم، خصوصًا بعد أن حددت له موعد اللقاء الأخير مع أسرته، وبعد أن رفض تقديم طلب عفو رئاسي أسوة بمن سبقه، لئلا يضفوا شرعية على المحاكمة برمتها كما قالوا.

إنها رسالة موجهة إلى كل مسلم يظن أنه سينجو من الحرب المعلنة ضده إن هو أعلن أنه أشعري صوفي وليس بسلفي، فقد يؤخر أعداء دين الله الخاتم حربهم المعلنة ضد بعض المسلمين نظرًا للحاجة إليهم أو مراعاة لسلم الأولويات في المواجهة كما يقال، إلا أن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن الأخير مستثنى من الاستهداف، فجميع الموحدين مستهدفين من قبل أعدائهم دون اسثناء، علم ذلك من علمه وجهله من جهله.

د. زياد الشامي

  • 4
  • 0
  • 6,657

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً