لا تقتلوا الأفاعي؛ اقتلوا سبب الأفاعي
وليس بالضرورة أن يعاقبنا الله بطوفان كطوفان قوم نوح، أو بريح كريح عاد أو صيحة كصيحة ثمود، وإنما تأتي على شكل حروب وقلة بركة وغلاء أسعار ومشاكل اجتماعية واقتصادية.
يغيب عن البعض من هو المخاطب بقوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:165]، ولا يعلم أن المخاطب عم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشرف الخلق بعد الأنبياء، وهم لم يتعمدوا مخالفة أمر الله ورسوله قصدًا لمخالفته وإنما ضعفًا عند رؤية الغنائم في يوم أحد فأتتهم العقوبة عاجلة بهزيمة، وقتل وجرح للنبي صلى الله عليه وسلم.
عندما ينادي المصلحون بالرجوع إلى الله والإشارة إلى أن سبب المصائب التي تحل بنا هي الذنوب والمعاصي، ينظر إليهم البعض بازدراء ويتهمونهم بالجهل والسطحية ويتكلمون في الاقتصاد والنظريات وعن الركود العالمي -وهم صادقون في ذلك- لكنهم يتناسون أن الله هو مسبب الأسباب وأن الذي أخرج هذه البلاد من الفقر المدقع والجوع الذي كان الناس يموتون بسببه إلى ما نرى من رغد العيش والترف والرفاهية، قادر على أن يعيدنا إلى ما كنا عليه.
الحقيقة التي تغيب عن الكثير هو أن ربط المشاكل التي تواجهنا بانخفاض سعر البترول وطول مدة حرب الحوثيين والبطالة هو التسطيح الحقيقي للمشاكل، مع أهمية الاهتمام بها، إلا أنه ينبغي أن نعلم أن لله سننًا ربانية كونية إذا تخلفنا عنها حلت العقوبة، وليس بالضرورة أن يعاقبنا الله بطوفان كطوفان قوم نوح، أو بريح كريح عاد أو صيحة كصيحة ثمود، وإنما تأتي على شكل حروب وقلة بركة وغلاء أسعار ومشاكل اجتماعية واقتصادية.
أيها الأخ الحبيب، أنت لبنة في المجتمع، فانظر لنفسك أولًا قبل أن توزع على الآخرين، كيف علاقتك بربك، كيف صلاتك؟ ماذا تسمع أذنك؟ ماذا تنظر إليه عينك؟ كيف تحصل على رزقك وكيف تنفقه؟ كيف حجابك أيتها المسلمة؟ هل هو على ما يرضي الله حقًا؟ مما يحزن أنك لا تكاد ترى امرأة تتحجب الحجاب الشرعي إلا ما ندر، بل أصبح حجابًا يحتاج إلى حجاب، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تعج بالفساد الأخلاقي والعقدي، وأصبح السفهاء يناقشون فيما هو معلوم من الدين بالضرورة، ثم نقول (أنى هذا) وننسى {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30].
ينبغي أن نتعظ بما قاله ذلك الحكيم الأفريقي عندما شكوا إليه كثرة الأفاعي والحاجة إلى قتلها فقال: لا تقتلوا الأفاعي، اقتلوا سبب الأفاعي.
- التصنيف: