طبيب الأسنان

سنوات طويلة من ممارسة مهنة طب الأسنان لاحظت في جل أيامها ذلك التناسب الطردي بين توكل المريض على الله وتعلق قلبه به وتسليمه الأمر إليه، وبين تيسير أمره وسهولة علاجه
لا أتحدث عن الخوف الطبيعي من هذا الكرسي الذي يعتبر الكثيرون مجرد الجلوس عليه أمرا مرعبا فهذا معتاد ولعل جملة "أنا بأكره دكتور الأسنان" أو جملة "أنا مابخافش في حياتي أكثر من الكرسي ده" أو جملة "استحملني يا دكتور أنا عندي عقدة من دكاترة الأسنان"  يعدوا من أكثر الجمل التي نسمعها يوميا قبل الشروع في علاج أسنان أولئك الفضلاء والفضليات الجالسين على الكرسي المخيف
هذا الخوف كما قلت طبيعي ويمكنك أن تعتبر أغلبه خوفا فطريا مقبولا ولا يقدح في الشخص أو يقلل منه
لكن حتى أولئك الخائفين منهم من يقرر في لحظة معينة أن يسلم أمره ويستجيب لنصيحة الطبيب بالتوكل وتعلق القلب بالله ومنهم من لا يستطيع ذلك لشدة الخوف الأمر الذي يؤدي كثيرا لتعطل عملية العلاج أو اضطرار الطبيب للتوقف عنها لعدم الإضرار بالمريض سواء نفسيا أو حتى بدنيا نظرا لمقاومته أو بعض ردود الأفعال الحادة التي تصدر منه أثناء وجود آلات العلاج في فمه
وأنا في الحقيقة أعذره ولا ألومه فالذكريات مؤثرة بلا شك واكتساب ثقة المريض ليست أمرا سهلا وربما تعرض في طفولته أو حتى في ماضيه القريب لتجربة آلمته فأدت إلى ترسخ هذا الخوف وعدم تقبله لفكرة أنه قد لا يتألم هذه المرة أو حتى لطبيعته النفسية
لكنني أود فعلا أن أنصح لهؤلاء الفضلاء والفضليات حول هذا الارتباط بين مواجهة خوفهم ومحاولة تجاوزه عبر التوكل والتعلق بالله
صدقوني لو أنكم فعلتم أو حاولتم بصدق فستفاجأون بكم عجيب من التيسير سيغير كثيرا فكرتكم عنا وعن كرسينا المسكين  
وستجدون أنه لا داعي مطلقا لتلك الكراهية المسبقة 
أسأل الله أن يشفي ويعافي كل مريض وأن يجعلنا سببا في التخفيف عنهم