آيات أنسى الوعاظ معناها.. (2 من 3)
أما الوقوع في الشرك الأعظم، وسيطرة العلمانية وسيادة تبديل الشرائع على المسلمين ثم لا يخاطَب الناس فيه، وإنما يخاطَبون في ترك الرياء وترك البدع ثم يظن الواعظ أو الداعية أنه استوفى بلاغ ما أمر الله، فهو واهم
وبنفس قاعدة المطابقة واللزوم ونسيان المعنى المطابق للآية.. آية آخر الكهف {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}
فكلمة الفضيل بن عياض رحمه الله ورضي عنه أنه أخلصه وأصوبه، وفسر الصواب بالسنة وفسر الإخلاص بترك الرياء، فهذا أيضا معنى لازم للآية، وهو لازم قريب ومباشر ولا بد منه لصحة العمل..
لكن الآية تتلى وتفسر قبل ولادة الفضيل بن عياض، والمعنى معروف عند السلف، والآية مكية، وهي خطاب للمشركين..
ولهذا فالمعنى المطابق للآية هو هو ترك الشرك الأعظم أو الأكبر في العبادة، بترك عبادة الأوثان وترك رد الشرائع، وهذا بعبادة الله تعالى وحده، وقبول شريعة الرسول المرسل اليهم.. فالعمل الصالح هو العمل المشروع وهذا يستلزم قبول الرسالة، وهذا معنى قبول الشرائع.
هذا هو معنى الآية بالمطابقة وهو معنى شارح للتوحيد، وهو في غاية الأهمية للبيان للأمة وشرحه لها وبيان سبيل النجاة لهم.. لأن افتقاد شرطي الآية يعني حبوط العمل جملة، وكون العبد خارج زمرة التوحيد وأهل النجاة.
فالآية تتحدث عن شرط قبول العمل جملة.. وهو المعنى الأعظم والأصل الكبير وعمدة النجاة وزبدة الرسالة وقطب رحاها..
وأما صحة العمل المعين فالكلام فيه هو ما قاله الفضيل؛ إذ هو معنى لازم لصحة العمل المعين بترك الرياء فيه وترك الابتداع.. لأنه لو راءى في هذا العمل فقد لا يكون مرائيا في غيره، ولو اشتمل على بدعة معينة فقد لا يتلبس بها في بقية الأعمال.. وعلى هذا فافتقاد ما قاله الفضيل يحبط العمل المعين الذي تلبس برياء أو يحبط العمل المتلبس ببدعة، ولكن لا يلزم عن هذا حبوط جميع الأعمال ورد جميعها، فهنا كلامه رضي الله عنه في العمل المعين..
وأما الآية فهي تتحدث عن الشرط الأصل لجميع الأعمال، وهو المعنى الأعظم الذي جاءت فيه الآية بوجوب التوحيد بإفراد الله بالعبادة، ووجوب قبول الشرائع الناسخة الخاتمة..
فأما أن يعلَّم الناس الإخلاص والصواب في العمل المعين، بمعنى ترك الرياء وترك البدعة المعين، ونسيان الأصل العظيم وهو إفراده تعالى بالعبادة وقبول الشريعة الخاتمة والناسخة بحيث يُنسى هذا المعنى الجليل وعليه مدار اضطراب حياتنا؛ فهذا خطأ إذ يجب إعطاء المعاني حقها تبعا لأهميتها، وترتيب المعنى اللازم تبعا للمعنى المطابق..
والأمة اليوم يجب أن توعظ بترك الشرك الأعظم لما استجد من مظاهره، وتوعظ بقبول الشرائع الناسخة لما استجد من تبديل الشرائع وسيطرة العلمانية.. ثم توعظ ثانيا بالنصيحة الخاصة في صحة العمل المعين ألا يداخله رياء أو بدعة معينة..
أما الوقوع في الشرك الأعظم، وسيطرة العلمانية وسيادة تبديل الشرائع على المسلمين ثم لا يخاطَب الناس فيه، وإنما يخاطَبون في ترك الرياء وترك البدع ثم يظن الواعظ أو الداعية أنه استوفى بلاغ ما أمر الله، فهو واهم، والفساد ينتشر تحت هذا الظاهر، وتحصل النتيجة بتراجع المسلمين وسقوطهم في المهلكات الكبرى برد الشرائع وفخاخ الشرك الأكبر بانحرافات الصوفية المنحرفة، ويستمر الدعاة في كلامهم في لازم بعض الآيات تاركين ما أُنزلت فيه رأسا.. والله الموفق والهادي اليه سبيلا..
- التصنيف: