نقد أهل السنة و الشيعة أنفسهم لعقيدة الغيبة

منذ 2017-04-30

فإذا كان هناك اضطراب حول حقيقة وجود مهدي الشِّيَعة من عدمه، وهذا تناقض يعبر عن نفسه، وتلك آفة من أخطر آفات الشِّيَعة، أنهم متناقضون، وعقائدهم مضطربة ومفككة، فكيف يبنون عقائدهم على شخصية مشكوك في وجودها أصلاً، وعليه فعقيدة الشِّيَعة في مسألة الغيبة مبنية على الشك والاضطراب وعدم اليقين، غير أن مسألة الغيبة ليست من عقائد الإسلام في شيء

نقد أهل السنة لعقيدة الغيبة:
إن مسألة الغيبة واعتقاد الشِّيَعة الإمامية بوجه العموم والمهديين بوجه الخصوص فيها باطل من أصله، ولبيان بطلان تلك العقيدة، هناك سؤال يطرح نفسه، هل الإمام محمد بن الحسن العسكري ولد في الأصل حتى يغيب؟، وحتى ينتظره الشِّيَعة بعد طول زمان، ويعلقون عليه آمالهم، ويكفرون من ينكره، نقول لهم: إن من أهل السنة من يثبت أن المهدي محمد العسكري لا وجود له في الأصل، وأنه لم يولد حتى يوجد، فأبوه-الحسن العسكري- لم يكن له نسل ولم يعقب، "والكثيرعلى أن العسكري لم يكن له ولد لطلب أخيه جعفر ميراثه من تركته لما مات، فدل طلبه أن أخاه لا ولد له، وإلا لم يسعه الطلب، وحكى السبكي عن جمهورالرافضة أنهم قائلون بأنه لا عقب للعسكري، وأنه لم يثبت له ولد بعد أن تعصب قوم لإثباته وأن أخاه جعفرأخذ ميراثه"[1].
ولو سلمنا باعتقاد الشِّيَعة الإمامية والمهديين في الغيبة، فهل تصح مثل هذه العقيدة؟ والجواب: أن الاعتقاد في غيبة أحد، وادعاء الاثني عشرية أو المهديين في غيبة إمامهم واختفائه،
وأنه سيعود أمر لا يقبله العقل ولا يسلم به، وقياسهم على أمور ظنوها غيبة وليست كذلك، قياس ليس في محله، حيث ادعى الشِّيَعة الإمامية غيبة واختفاء عدد من الأنبياء ، ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اختفى في الغار، وفي ذلك قالوا: "وأما النبي فغيبته المشهورة كانت في الغار، وكل المسلمين أطبقوا على أن غيبته في الغار إنما كانت تقية عن المشركين وخوفاً على نفسه"[2].
والرد عليهم:
 من كلام أهل السنة، حيث قالوا: "ما حكي من قصة الغار واقع في غير موقعه؛ لأن استتاره  صلى الله عليه وسلم  لم يكن لإخفاء دعوى النبوة، بل كان من جنس التورية في الحرب، وكان ثلاثة أيام، فقياس ما نحن فيه عليه غاية الحماقة والوقاحة، ففرق واضح لا يخفى على من له أدنى عقل بين الاختفاء الذي كان مقدمة لظهور الدين والغلبة على الكافرين، وبين الاختفاء الذي لازمه الخذلان، وترك الدعوة وانتشار الطغيان"[3].
هكذا ثبت لدينا أن ما ذهبت إليه الشِّيَعة الإمامية والمهديون بقياسهم على ما لا يقاس عليه، وأن العقل السليم لا يقر بتلك القياسات الغريبة.

 نقد الغيبة من الشِّيَعة أنفسهم:
في مصادر الشِّيَعة أدلة  دامغة على بطلان الغيبة،  والتي تتعلق بالإمام الثاني عشر-محمد بن الحسن العسكري-، حيث جاء عند الشِّيَعة ما يبرهن على عدم وجوده أصلاً، وهو ما توصل إليه أهل السنة.
ففي الكافي ما يقيم الحجة على سائر الشِّيَعة في مسألة الغيبة، فتلك الرواية كفيلة بنقض عقيدة الغيبة، والتي فيها:"عن الحسين بن محمد الأشعري ومحمد بن يحي وغيرهما قالوا: كان أحمد بن عبد الله بن خاقان-كان يقوم على الضياع والخراج بقم-، قال: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلاً من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته،...فلما فرغوا من تهيئته-أي تجهيز الحسن العسكري بعد وفاته-بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة عليه دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب ...وقال: هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، مات حتف أنفه على فراشه، حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته...فلما دُفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور، وتوقفوا عن قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي تُوُهِّم عليها الحمل لازمين لها حتى تبين بطلان الحمل، فلما بَطَلَ الحمل عنهن قُسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر، وادعت أمه وصيته وثبت ذلك عند القاضي..."[4].
فإذا كان هناك اضطراب حول حقيقة وجود مهدي الشِّيَعة من عدمه، وهذا تناقض يعبر عن نفسه، وتلك آفة من أخطر آفات الشِّيَعة، أنهم متناقضون، وعقائدهم مضطربة ومفككة، فكيف يبنون عقائدهم على شخصية مشكوك في وجودها أصلاً، وعليه فعقيدة الشِّيَعة في مسألة الغيبة مبنية على الشك والاضطراب وعدم اليقين، غير أن مسألة الغيبة ليست من عقائد الإسلام في شيء، لا في حق نبي ولا ملك فضلاً عن إمام أو مهدي، "فإن عقيدة أهل السنة الصحيحة في المهدي المنتظر تختلف عن عقيدة الشِّيَعة فيه، إذ أنهم لا يذهبون كما ذهب الشِّيَعة إلى أن المهدي وجد في لحظة تاريخية، ثم غاب في سرداب، أو اختفى في جبل رضوى، ثم يظهر بعد غيبته، بل يلتزمون بما ورد في الأحاديث من أن المهدي سيظهر في آخر الزمان وأنه سيجدد أمر الدين ويملأ الأرض عدلاً، ويتولى أمرة المسلمين، ويخرج في زمان الدجال وينزل عيسى بن مريم -عليه الصلاة والسلام- كما أن المهدي عند أهل السنة غير معصوم"[5]، "وهذا هو غائبهم، وهذه هي الأساطير والقصص التي يحكونها عن غيبته"[6].
ويتضح مما سبق: أن عقيدة الغيبة، من العقائد التي أبطلها أهل السنة، وردوا مزاعمهم فيها بالقرآن والسنة، وبأقوال أئمة الشِّيَعة، بل ومن كتبهم كما سبق في كتاب الكافي.

-------------------
[1] الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة، أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي، كامل محمد الخراط، (ج2/481)، ط1/1417ه = 1997م، مؤسسة الرسالة-لبنان.
[2] انظر: إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب، علي اليزدي الحائري، (ج1/282)، ط3/1390ه = 1970م، مطابع دار النعمان، بيروت-لنبان.
[3] انظر: مختصر التحفة الاثني عشرية، ص131(بتصرف).
[4] انظر: أصول الكافي، كتاب الحجة، باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام  ج1/386(مرجع سابق).
[5] دراسة عن الفرق وتاريخ المسلمين، ص161(مرجع سابق).
[6] الشِّيَعة والتشيع-فرق وتاريخ-، الأستاذ إحسان إلهي ظهير، ص359(مرجع سابق).

 

  • 0
  • 0
  • 6,238

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً