الحق لا يعرف بالرجال
قد وقر في النفوس تعظيمٙ أقوامٍ، فإذا نُقِل عنهم شيءٌ فسمعه جاهلً بالشرع قبِلٙه لتعظيمهم في نفسه.
قال ابن الجوزي رحمه الله: لقد كان جماعة من المحققين لا يبالون بمُعظّٙم في النفوس إذا حاد عن الشريعة، بل يوسِعونه لومًا.
فنُقِل عن أحمد أنه قال له المروذي: ما تقول في النكاح؟ فقال: سنة النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: فقد قال إبراهيم. قال: فصاح بي، وقال: جئتنا بِبُنَيَّاتِ الطريق؟
واعلم أن المحقق لا يهوله اسم معظم.
قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أتظن أنّٙا نظن أنّٙ طلحة والزبير كان على الباطل؟ فقال له: إن الحقّٙ لا يُعرٙفُ بالرجال، اعرف الحق، تعرف أهله.
وقد وقر في النفوس تعظيمٙ أقوامٍ، فإذا نُقِل عنهم شيءٌ فسمعه جاهلً بالشرع قبِلٙه لتعظيمهم في نفسه.
واسمع مني بلا مُحَابَاةٍ: لا تحتجّٙ عليّٙ بأسماء الرجال، فتقول: قد قال بشر، وقال إبراهيم بن أدهم، فإن من احتج بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أقوى حجة.
قلت: قد اختلف العلماء في قول الصحابي؛ هل هو حجة أم لا؟ بعد اتفاق العلماء جميعا على أنه لا يحتج بقول أحد ممن جاء بعدهم، وإنما الحجة في قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
ونحن نرى أن قول الصحابي أيضا ليس حجة لا في الأحكام ولا التفسير ولا في شيء، وإنما أقوالهم اجتهادات منهم، قد يصيبون فيها وقد يخطئون، لكن يُستأنٙس بقولهم سيما إذا كانت تتفق مع أصول الشريعة ومبادئها.
ولقد صار أقوام في زماننا يحتجون بقول فلان وفلان مع مخالفة قوله لصريح قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، بل وقول جماهير العلماء بل ربما كافتهم.
فليعلم كل من آتاه الله بصيرة أنه لا يحتج بقول أحد من العلماء، بل إنّٙ قولٙ العلماء يُحتٙجُّ له لا به؛ وذلك أن قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم لا يعتريه خطأ أبدا، وأما قول البشر فقد يكون صوابًا وقد يكون خطأً.
ولقد كان العلماء ولا يزالون يرجعون عن أقوالهم إذا ظهرت لهم فيها مخالفة لقول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، بل ويحذرون من اتِّباع أقوالهم إذا خالفت نصا، وذلك لأنهم لا يرون في أقوالهم حجة أبدا، وأقوالهم في هذا كثيرة.
فلا تقل: قال الشيخ فلان، ورأيت الشيخ فلان، بل قل: قال الله تعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن كثيرا من المشايخ قد قصروا في تربية الناس على هذا الأصل العظيم، وأن أقوالهم يعتريها الصواب والخطأ، ولا عصمة لأحد في قول إلا محمدا صلى الله عليه وسلم.
- التصنيف: