لا تنفض منهم يدك..
اعلمْ أن كمال الإنسان بنهايته، فليست العبرة بنقص البدايات بل بكمال النهايات.. ولهذا فالخطأ الذي يعقبه الاستغفار، وتمحوه التوبة يرفع صاحبه ويجعله أشد رغبة في الخير وأكثر نفورا من الشر..
إنه المخلوق العجيب..
فالإنسان مخلوق دقيق، ومركَّب.. قد تنهمر دموعه ـ أو دموعها ـ من خشية الله في لحظة، وقد يطفح ـ أو تطفح ـ بقبح الفسق في لحظة أخرى..
لا تهمل الأولى فترى حال الفسق والتبجح بالمعصية فقط، فلعله يفيء ويتفجر الخير منه ـ أو منها ـ ويعود له الحياء من ربه والخشية ويحب الإيمان ويعشق الطاعة ويبغض المعصية ويدعو الى الخير ويجاهد في سبيل الله وقد يموت في سبيل ذلك..!
ولا تهمل الثانية فترى المطيع ملاكا فقط؛ فإذا عصى أسقطته تماما وبالغت في الحط من قدره كما بالغت في رفعة قدره قبل ذلك..!
اعلمْ أن كمال الإنسان بنهايته، فليست العبرة بنقص البدايات بل بكمال النهايات.. ولهذا فالخطأ الذي يعقبه الاستغفار، وتمحوه التوبة يرفع صاحبه ويجعله أشد رغبة في الخير وأكثر نفورا من الشر..
المحور الذي يجب البحث عنه هو أن يكون الخير له سلطة وتوجيه.. لقد بكى الملايين أمام بعض الدعاة، ثم خرجت لهم أنياب وبرزت لهم قرون فنطحوا ورفسوا الحق وقتلوا وسفكوا.. بسبب نفس الدعاة ومن على شاكلتهم..! فالتعويل كثير على تسلط الخطاب الموجه الى الناس فيُخرج ما فيهم من خير يتفجر أو شر يطفح..!
لا تنفض يدك منهم.. إنهم الخامة الموجودة، وفيهم هذا وذاك؛ دمعة الخير وقبح الشر، وبحسب الخطاب الموجه لهم؛ قد يتذكرون فطرتهم وشريعتهم، وقد تتذكر المرأة فطرتها ويعود لها حياؤها بعد فحش التعري اليوم..
قد تبكي امرأة لأنها حُرمت من حقها في التعري! وقد تبكي حياء ممن يمنعها من التستر.
قد يرجعون يعادون اسرائيل ويجاهدون الكفار ويقيمون الدين.. وقد ينحطون عن ذلك وتتبرأ منهم.
لا تهمل حالة المُكنة، ولا تهمل اعتبار وتأثير من يملك الخطاب العام وصنع القيم وصياغة الأخلاق وتوجيه العقائد وتكوين التصورات وبث الحماس..
إن للتمكين شأنا فوق ما تتصور، ولو كان حتى التمكين من حرية الكلمة..
لا تهمل حالتي الإنسان فتظلمه برفعته أو بنفض اليد منه.. لا هذا تكون ولا ذاك، لأنه لم يكن هذا فقط ولا ذاك فقط، إنه المخلوق العجيب، تجده متبجحا بمعصية ساخرا من الفضيلة موغلا مع الكفر متماديا في لذة موهومة..
ثم قد تتبدل ملامحه في لحظة فترى خشوعا عميقا وقسمات جديدة ولسانا يقول خيرا وعفة وحياء يلف صاحبه أو صاحبته.. وقد يُستشهد في سبيل الحق الذي تحمله..
لا تيأس اليوم وهم يهتفون للكرة، فلعلهم في غدٍ يهتفون هتافا أشرف ويستجيبون لنداء أكرم.
لا تيأس إنهم هم هم، فلا تتجاهل أحد مكونات أنفس مخلوق وأغلى من نبحث عنه، لنجاته ونجاتنا.
- التصنيف: