من معاني الرجوع إليه
العلاقة الأكثر أصالة وسبْقا، وأكثر إلحاحا للقلب واحتياجا وظمأ اليها، والتي دونها الهلاك المحتم، وبها حياة الخلد والأبد، وظمأ القلوب اليها أعظم ما يتصور الإنسان، وظمؤه لها لا ينتهي أبدا.. والتي لا رِيّ للقلب بديلا عنها ولا يكف القلب عن طلبها حثيثا.. تلك هي العلاقة بالله تعالى، الخالق، الذي أوجد العبد وأوجد أبويه وجعل الرحمة في قلبيهما فرعا عن رحمته تعالى.
إذا ضل طفل عن أبويه.. فهداه اليهما هادٍ، ودله على مكانهما، وأوصله اليهما، وأخرجه من التيه بعد أن أوشك على الهلكة.. كان هذا معروفا لا يُنسى، ودان الطفل بقية عمره شاكرا لهذا الهادي الدال على ما به قوام حياته وبه ارتوى ظمأ قلبه لحب والديه وعطفهما ورعايتهما.
وعلاقة الأبوين محدودة حتى يبلغ الإنسان استقلال نفسه، وهما فرع عن أصل كبير هو العلاقة بالله تعالى وربوبيته.
فأما العلاقة الأكثر أصالة وسبْقا، وأكثر إلحاحا للقلب واحتياجا وظمأ اليها، والتي دونها الهلاك المحتم، وبها حياة الخلد والأبد، وظمأ القلوب اليها أعظم ما يتصور الإنسان، وظمؤه لها لا ينتهي أبدا.. والتي لا رِيّ للقلب بديلا عنها ولا يكف القلب عن طلبها حثيثا.. تلك هي العلاقة بالله تعالى، الخالق، الذي أوجد العبد وأوجد أبويه وجعل الرحمة في قلبيهما فرعا عن رحمته تعالى.
فإذا حُرم العبد منها وضل عن ربه تعالى أوشك على الهلاك أشد من صبي ضل عن أبويه في غربة وصخب، أو قفار ومهالك، أو لجة بحر بلا ساحل في ليل مظلم.. فمن ضل عن ربه فقدَ ما خُلق لأجله واشتد ظمأ قلبه وظل يبحث عن إشباع جوعةٍ لا يسدها غيره.
فإذ أتى آتٍ فدل العبد على ربه وهداه اليه ودله بيقين على مرضاته، فعاد اليه وآب.. فرح به ربه لعودته، وفرح قلب العبد لعودته لربه، وأمسك خيط النجاة وخرج من شفير حفرة كاد أن يهلك فيها.
هنا يرتوي قلبه ويرتاح فؤاده وتشبع جوعته ويعرف الطريق ويأخذ جادته يسلكه للنجاة ويحقق غاية وجوده.
هنا يأتي دور الرسول وعلى هذا تدور تكاليف الرسالة التي لم تأت لثقل على الناس ولا ألمٍ يؤلمهم ولا قيدٍ يزعجهم.. بل أتى الرسول ليدل الناس على ربهم ويهديهم الى من يبحثون عنه وتبحث عنه قلوبهم وبه نجاتهم، ودونه هلكتهم.. وليدلهم على منهجه المَرضي وطريقه الموصل اليه.
هنا قد تدرك بعض معنى قوله تعالى، وما تحت هذه الكلمة من معاني الرحمة العميقة والنعمة الجليلة والهدية البالغة والثمينة إذ تبطر عليها فرعون وأمثاله، وأتباعه وبقاياه وأشباهه، ونسخه الحديثة والقريبه.. وجهلوا ما في حشوها من الخير.. إذ قال له رسول الله (هل لك الى أن تزكى..؟ وأهديك الى ربك فتخشى..؟)
- التصنيف: