مع القرآن - وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
{وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ * وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ العنكبوت 38-40]
هل يعتبر الإنسان حين يبارز ربه بنعمه و يبالغ في العداء له و لأوليائه و يظن أنه في منأى عن مكر الله و عقابه و يعتقد أنه يفعل بنفسه ما يجلب لها النفع و إذا به يضرها أشد الضرر , إذا سرعان ما ستغيب اللذة و يعقبها الألم الأبدي .
تكررت الموعظة و تكررت المواقف فهل من متعظ؟
{وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ * وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ العنكبوت 38-40]
قال السعدي في تفسيره :
أي: وكذلك ما فعلنا بعاد وثمود، وقد علمتم قصصهم، وتبين لكم بشيء تشاهدونه بأبصاركم من مساكنهم وآثارهم التي بانوا عنها، وقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات، المفيدة للبصيرة، فكذبوهم وجادلوهم. { {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } } حتى ظنوا أنها أفضل مما جاءتهم به الرسل.
وكذلك قارون، وفرعون، وهامان، حين بعث اللّه إليهم موسى بن عمران، بالآيات البينات، والبراهين الساطعات، فلم ينقادوا، واستكبروا في الأرض، على عباد اللّه فأذلوهم، وعلى الحق فردوه فلم يقدروا على النجاء حين نزلت بهم العقوبة { {وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ } } اللّه، ولا فائتين، بل سلموا واستسلموا.
{ {فَكُلا} } من هؤلاء الأمم المكذبة { {أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} } على قدره، وبعقوبة مناسبة له، { {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} } أي: عذابا يحصبهم، كقوم عاد، حين أرسل اللّه عليهم الريح العقيم، و { {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } }
{ {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ } } كقوم صالح، { {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ} } كقارون، { {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا } } كفرعون وهامان وجنودهما.
{ {وَمَا كَانَ اللَّهُ } } أي: ما ينبغي ولا يليق به تعالى أن يظلمهم لكمال عدله، وغناه التام عن جميع الخلق. { {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} } منعوها حقها التي هي بصدده، فإنها مخلوقة لعبادة اللّه وحده، فهؤلاء وضعوها في غير موضعها، وأشغلوها بالشهوات والمعاصي، فضروها غاية الضرر، من حيث ظنوا أنهم ينفعونها.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: