مع القرآن - احشروا الذين ظلموا وأزواجهم

منذ 2018-03-31

يأمر الله تعالى بالظالمين فيساقوا إلى جهنم وبئس المصير، ويسألهم ربهم وهم في هذا الموقف التعس، لماذا لا تتناصرون كما كنتم في الدنيا، لماذا لا يدافع عنكم متصدريكم بألسنتهم الحداد التي كانوا يسلطونها على المؤمنين في الدنيا؟

احشروا الذين ظلموا وأزواجهم

{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ}:

يحشر كل ظالم مع أتباعه ومن على شاكلته، حسب نوع الظلم وحسب مدى العناد والعداء لله ورسالاته، فالشرك ظلم والطغيان ظلم والإسراف في الشهوات ظلم وإشاعة الفاحشة ظلم، وقطع الطريق وترويع الآمنين ظلم، وكل فريق من الظالمين سيحشر مع من يشاكله ويشابهه، ومعهم معبوديهم سواء كان المعبود وثناً أو شيطاناً أو إنساناً أو حتى هوى متبعاً.

ويأمر الله تعالى بسوقهم إلى جهنم وبئس المصير، يسألهم ربهم وهم في هذا الموقف التعس، لماذا لا تتناصرون كما كنتم في الدنيا، لماذا لا يدافع عنكم متصدريكم بألسنتهم الحداد التي كانوا يسلطونها على المؤمنين في الدنيا؟

الكل مستسلم ولا راد لقضاء الله ولا راد لعقابه ولا مدافع عن المجرمين.

{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} [الصافات 22 - 26]. 

 

قال السعدي في تفسيره:

أي إذا أحضروا يوم القيامة، وعاينوا ما به يكذبون، ورأوا ما به يستسخرون، يؤمر بهم إلى النار، التي بها كانوا يكذبون، فيقال: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم بالكفر والشرك والمعاصي {وَأَزْوَاجَهُمْ} الذين من جنس عملهم، كل يضم إلى من يجانسه في العمل.


{وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ} من الأصنام والأنداد التي زعموها،. فاجمعوهم جميعا {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} أي: سوقوهم سوقا عنيفا إلى جهنم.

وبعد ما يتعين أمرهم إلى النار، ويعرفون أنهم من أهل دار البوار، يقال: {وَقِفُوهُمْ} قبل أن توصلوهم إلى جهنم {إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} عما كانوا يفترونه في الدنيا، ليظهر على رءوس الأشهاد كذبهم وفضيحتهم.

فيقال لهم: {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ} أي: ما الذي جرى عليكم اليوم؟ وما الذي طرقكم لا ينصر بعضكم بعضا، ولا يغيث بعضكم بعضا، بعدما كنتم تزعمون في الدنيا، أن آلهتكم ستدفع عنكم العذاب، وتغيثكم وتشفع لكم عند اللّه، فكأنهم لا يجيبون هذا السؤال، لأنهم قد علاهم الذل والصغار، واستسلموا لعذاب النار، وخشعوا وخضعوا وأبلسوا، فلم ينطقوا.
ولهذا قال: {
بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ}.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 7
  • 1
  • 31,013
المقال السابق
إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب
المقال التالي
فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلىٰ يوم يبعثون

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً