على هامش الضربة الأمريكية
الإذن لنظام الأسد بتصفية مناوئيه بكل أدوات القتل الأخرى ما عدا الكيمياوي، لأن الأخير يحرج أنظمة العالم المجرمة أمام شعوبها وأمام التاريخ، والضوء الأخضر لم ينطفئ يوما أمام الطاغية منذ بداية الحرب.
- ليس الهدف من الهجمة الصاروخية اليوم تغير النظام في دمشق.
- ليس الهدف من الهجمة تغير موازين القوى على الأرض.
- الهدف من الضربة هو تقويض قدرة النظام على إنتاج واستخدام السلاح الكيميائي.
- هذه الضربة لا تعني تغير الأولويات من كون الهدف الأكبر هو محاربة الإرهاب، وان العدو الأول هو تنظيم داعش.
هذه هي أبرز تصريحات قادة الدول التي قامت بهجوم اليوم، فمنذ الصباح الباكر وهم يدندنون حول هذه المعاني ويبعثون بهذه الرسائل، فما هي دلالاتها؟ وماذا يمكن أن نفهم منها؟
بقراءة أولية بسيطة - غير استقصائية - ومن غير حاجة إلى عمق في النظر السياسي ولا تدقيق كبير فيما بين السطور يمكننا أن نفهم ما يلي:
1. وجود نظام الأسد في هذه المرحلة مهم وضروري لإكمال اللعبة في تصفية جيوب المقاومة وتكتلاتها في المناطق المحررة، مثل إدلب وما بعدها. فلا أحد يريد إنهاء دوره في الوقت الراهن، ومن كان يصرح بذلك سابقا في مناسبة ومن غير مناسبة انقلبت تصريحاته مؤخرا إلى سيمفونية: "الأسد باق".
2. الإذن لنظام الأسد بتصفية مناوئيه بكل أدوات القتل الأخرى ما عدا الكيمياوي، لأن الأخير يحرج أنظمة العالم المجرمة أمام شعوبها وأمام التاريخ، والضوء الأخضر لم ينطفئ يوما أمام الطاغية منذ بداية الحرب بالقتل المئوي بالبراميل المتفجرة وغيرها من الأسلحة الفتاكة.
3. أمريكا والغرب ومعهم الصهاينة يعلمون أن النظام الأسدي يمتلك هذه الأسلحة المحظورة ويعرفون أماكن تصنيعها ومواضع تخزينها بدقة ولم يستهدفوها من قبل لأنهم يعلمون أنها بأيدي أمينة وأنها لن تستخدم ضد إسرائيل ولا تُقلق الشعب اليهودي، فإخلاء البلد من هذا السلاح الخطير في هذه المرحلة بالذات يشير - في ظني وقراءتي الخاصة - إلى أن نهاية دور هذا العميل باتت وشيكة وأن الخطة الاستراتيجية الحتمية تقضي بإزاحة الأسد لتحقيق مصالحة سياسية ونظام مدجَّن في المستقبل يكون للمعارضة فيه دور ولو بمقدار يسير، وهذا يتطلب تقليم أظافر القوة العسكرية وتقويض سلاح الردع لديها.
ربما يكون هذا الأمر الوحيد الذي يجوز ان يكون مدعاة لفرح المعارضة وأنصارها بالضربة، وهو فرح مشوب بالحذر محفوف بالخطر، والأيام حُبلى.
جمال الباشا
مؤهلات الشيخ جمال بن محمد الباشا: ماجستير في القضاء الشرعي، دكتوراه في الفقه وأصوله، رسالة الدكتوراه في السياسة الشرعية، مدرس في أكاديمية العلوم الشرعية.