التضحية المستمرة دون مقابل إلا من الله
وهكذا العمل للدين.. وطّنوا أنفسكم ودرّبوها على البذل فقط، التّضحية المستمرّة دون مقابل إلا من الله، الآخرة خير وأبقى.
إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةً فَنَحْنُ نُدْعَى.. وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا.
ويقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب أن أنتسب إليكم وأنتمي لكم».
يعملون لإقامة الدين، يعملون لنصرة الدين..
تجدهم عند الشدائد وفي أوقات التّخلّي، تجدهم في أوقات المحن والبلايا في غاية الثّبات والصّمود..
ثم اذا فُتحت الدنيا وُوزّعت الغنائم ليس لهم شئ، لماذا نكون معك في الضّرّاء، ولا نأخذ كما يأخذ النّاس في السّرّاء؟؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم: «إنني أحب أن أكون هكذا».
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ، وَغَطَفَانُ، وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ، وَذَرَارِيِّهِمْ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمِنَ الطُّلَقَاءِ (أي معه ألفان من الذين أسلموا في فتح مكة وعفا عنهم، وأطلقهم دون عقابهم، وهم جدد في الإسلام ولا تضحية لهم) فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ (أي تركه الجميع وحده في وسط المعركة).
فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا؛
الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ،
فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ»،
قَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ.
ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ».
قَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ.
وَهُو عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ، فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ،
فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ، وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا،
(مع أنهم هم الذين نادى عليهم، ونصروه في وقت اشتداد القتال، ومع ذلك لم يعطهم شيئا)
فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ : "إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةً فَنَحْنُ نُدْعَى وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا".
فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ،
فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟» فَسَكَتُوا،
فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟»
قَالُوا: "بَلَى".
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَو سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَأَخَذْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ» (صحيح البخاري [4337]).
وهكذا العمل للدين..
وطّنوا أنفسكم ودرّبوها على البذل فقط، التّضحية المستمرّة دون مقابل إلا من الله،
الآخرة خير وأبقى.
الكاتب: أحمد سيف الإسلام.
- التصنيف: