مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد
{وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص 30-33]
{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} :
أنعم الله تعالى على عبده داود بولد صالح هو سليمان عليه السلام , و كان كما وصفه ربه نعم العبد الصالح , ومن أهم صفاته التوبة والأوبة السريعة إذا ما وقع في خطأ أو ذنب.
ومن مواقف العودة والتوبة موقفه إذ عرضت عليه الخيل فائقة الجمال شديدة الروعة والبهاء فانشغل برؤيتها وعروضها حتى ألهته عن صلاة العشي , فلما تذكر ندم أشد الندم وسارع بالتوبة حتى أنه قتل تلك الجياد التي ألهته عن ذكر ربه ,ليثبت عملياً أنه لا شيء أحب في قلبه من الله وأن جميع متع الحياة لا تساوي شيئاً إذا أبعدته عن الله.
{وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص 30-33]
قال السعدي في تفسيره:
لما أثنى تعالى على داود، وذكر ما جرى له ومنه، أثنى على ابنه سليمان عليهما السلام فقال: { {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ} } أي: أنعمنا به عليه، وأقررنا به عينه.
{ نِعْمَ الْعَبْدُ } سليمان عليه السلام، فإنه اتصف بما يوجب المدح، وهو { {إِنَّهُ أَوَّابٌ} } أي: رجَّاع إلى اللّه في جميع أحواله، بالتأله والإنابة، والمحبة والذكر والدعاء والتضرع، والاجتهاد في مرضاة اللّه، وتقديمها على كل شيء.
ولهذا، لما عرضت عليه الخيل الجياد السبق الصافنات أي: التي من وصفها الصفون، وهو رفع إحدى قوائمها عند الوقوف، وكان لها منظر رائق، وجمال معجب، خصوصا للمحتاج إليها كالملوك، فما زالت تعرض عليه حتى غابت الشمس في الحجاب، فألهته عن صلاة المساء وذكره.
فقال ندما على ما مضى منه، وتقربا إلى اللّه بما ألهاه عن ذكره، وتقديما لحب اللّه على حب غيره: { {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} } وضمن { أحببت } معنى { {آثرت} } أي: آثرت حب الخير، الذي هو المال عموما، وفي هذا الموضع المراد الخيل { عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ }
{ { رُدُّوهَا عَلَيَّ} } فردوها { {فَطَفِقَ } } فيها { {مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} } أي: جعل يعقرها بسيفه، في سوقها وأعناقها.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: