هو أزكى لكم
هل مر بك أن طرقت باب أحدهم وسمعت صوته بالداخل ولكنه لم يفتح الباب؟! أو اتصلت به على الهاتف أو الجوال ولم يرد عليك؟ أو رد واعتذر عن عدم قدرته على محادثتك حاليا؟! أو رأيته وأردت الجلوس والحديث معه فاعتذر بلطف قائلًا أنه غير قادر على الحديث مع أحد ويرغب في الاختلاء بنفسه؟! أو أرسلت رسالة على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي وعرفت أن الطرف الطرف الآخر شاهد الرسالة ولم يرد عليك؟!
تخيلوا ردة الفعل عند ذلك! وما يتبعها من إعلان الحرب بالقول والفعل أو حتى بالقلب، وقد يحصل قطيعةٌ للرحم وهجرٌ للأصدقاء، غير شكواه لجميع أفراد العائلة أو الأصدقاء ومعرفتهم باعتذاره ذاك؛ فيكون جريمةً شنعاء لا تغتفر.
وتبدأ الاتهامات بعدم حبه له، وتكبره، واستنكار فعله، فهل هذا جزاء الإحسان وبري له وسؤالي عنه؟!
لحظة من فضلك!
لماذا سوء الظن؟ هل تعرف ظروفه؟ هل تعلم أسبابه؟ هل أدركت حالته النفسية أو مدى انشغاله وقت حضورك أو مكالمتك له؟
هل تعلم أن من حقه شرعا - ليس فقط - ألا يرد على طرق الباب وهو موجود، وإنما من حقه أن يفتح لك ويقول: عذرًا لا أستطيع أن أستقبلك الآن، وأرجو أن تأتي في وقت آخر؟!
ربك سبحانه وتعالى أعطاه هذا الحق؛ يقول تعالى في سورة النور : {فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم}.
صاحب البيت عندما قال: " ارجع " لم يمنعك حقًا واجبًا لك عليه، وإنما هو متبرع فلو شاء أذن ولو شاء منع، بل على العكس عندما تنكر عليه ذلك فأنت من تسلبه حقًا من حقوقه.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى في فتح القدير: ( هو أزكى لكم ) أي أفضل ( وأطهر ) من التدنس بالمشاحة على الدخول؛ لما في ذلك من سلامة الصدر والبعد من الريبة والفرار من الدناءة .
فانتبهوا رحمكم الله.
- التصنيف: