مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر

منذ 2018-09-28

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} :

قال منكروا البعث هذه الكلمات جحوداً وإعراضاً عن الحق الواضح البين الذي يدل عليه الكون كله ومن فيه ألا وهو عظمة الرب سبحانه وقدرته على الخلق والإحياء والإماتة , ولو نظروا لأنفسهم وقد خلقوا من عدم لأنصفوا ولو اعتبروا بمن سبقم وقد مات حتف أنفه لآمنوا , ولكن زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون وتكاسلت أنفسهم الدنيئة وأبت إلا الإعراض واتباع الأهواء.

ثم زاد عناد بعضهم فاشترطوا على الرسل أن يحيوا لهم الآباء , وكأنهم لم ينتبهوا أن الله أحياهم هم أنفسهم من عدم وهي بديهية منظورة, لذا كان رد الله عليهم بتذكيرهم بهذه البديهية بأنه أحياهم ثم يميتهم  ثم سيجمع الخلق جميعاً للحساب يوم القيامة ولكن أكثر الناس غلب جهلهم علمهم .

قال تعالى :

  {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [الجاثية 24-26]

قال السعدي في تفسيره:

{ { وَقَالُوا } } أي: منكرو البعث { {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} } أي: إن هي إلا عادات وجري على رسوم الليل والنهار يموت أناس ويحيا أناس وما مات فليس براجع إلى الله ولا مجازى بعمله.

وقولهم هذا صادر عن غير علم { {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ } } فأنكروا المعاد وكذبوا الرسل الصادقين من غير دليل دلهم على ذلك ولا برهان.

إن هي إلا ظنون واستبعادات خالية عن الحقيقة ولهذا قال تعالى: { { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } } وهذا جراءة منهم على الله، حيث اقترحوا هذا الاقتراح وزعموا أن صدق رسل الله متوقف على الإتيان بآبائهم، وأنهم لو جاءوهم بكل آية لم يؤمنوا إلا إن تبعتهم الرسل على ما قالوا، وهم كذبة فيما قالوا وإنما قصدهم دفع دعوة الرسل لا بيان الحق، قال تعالى: { {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } } وإلا فلو وصل العلم باليوم الآخر إلى قلوبهم، لعملوا له أعمالا وتهيئوا له.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 6
  • 0
  • 25,170
المقال السابق
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم
المقال التالي
وترى كل أمة جاثية
  • sihial sohial

      منذ
    ماشاء الله الله اكبر

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً