الوسائل المعينة على ترك سوء الظن
قال ابن القيم: أكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظنَّ السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم عن ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته
الاستعاذة بالله والتوقف عن الاسترسال في الظنون:
إذا كان سوء الظن الوارد متعلق بالله سبحانه وتعالى فمما ورد في علاج ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» )) [متفق عليه] .
2- معرفة أسماء الله وصفاته:
قال ابن القيم: (أكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظنَّ السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم عن ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته، وعرف موجب حمده وحكمته، فمن قنط من رحمته وأيس من روحه، فقد ظن به ظن السوء) .
3- سوء الظن بالنفس واتهامها بالتقصير:
قال ابن القيم: (ليظنَّ – العبد - السوء بنفسه التي هي مأوى كلِّ سوء، ومنبع كلِّ شرٍّ، المركبة على الجهل والظلم، فهي أولى بظن السوء من أحكم الحاكمين وأعدل العادلين وأرحم الراحمين، الغني الحميد الذي له الغنى التام والحمد التام والحكمة التامة، المنزه عن كلِّ سوء في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه، فذاته لها الكمال المطلق من كلِّ وجه، وصفاته كذلك، وأفعاله كذلك، كلها حكمة ومصلحة ورحمة وعدل، وأسماؤه كلُّها حسنى) .
4 - المداومة على محاسبة النفس والاستغفار:
قال ابن القيم: (فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع، وليتب إلى الله تعالى، وليستغفره كلَّ وقت من ظنه بربه ظن السوء) .
5- ترك التحقق من الظنون السيئة:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12].
6- أن يتأول ما ظاهره السوء وأن يجد له مخرجًا:
قال عمر بن الخطاب: (لا يحل لامرئٍ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظنَّ بها سوءًا، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجًا) (5) .
وقال ابن عباس رضي الله عنه: (ما بلغني عن أخٍ مكروه قطُّ إلا أنزلته إِحدى ثلاث منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. هذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة) .
7- عدم مصاحبة من ابتلي بإساءة الظن:
قال أبو حاتم البستي: (الواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب لئلا يكون مريبًا، فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشرَّ) .
8- البعد عن مواطن التهم والريب:
عن صفية بنت حيي رضي الله عنها، قالت: (( «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفًا، فأتيته أزوره ليلًا، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا سبحان الله يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءًا، أو قال: شيئًا» )) .
قال ابن بطال: (في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنها صفية)) السنة الحسنة لأمته، أن يتمثلوا فعله ذلك في البعد عن التهم ومواقف الريب) .
وقال الغزالي: (حتى لا يتساهل العالم الورع المعروف بالدين في أحواله فيقول: مثلي لا يظنُّ به إلا الخير؛ إعجابًا منه بنفسه، فإنَّ أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة، بل بعين الرضا بعضهم وبعين السخط بعضهم... فيجب الاحتراز عن ظنِّ السوء، وعن تهمة الأشرار، فإنَّ الأشرار لا يظنون بالناس كلِّهم إلا الشرَّ) .
وقال أيضًا: -ينبغي على المرء– (أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن، ولألسنتهم عن الغيبة، فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكًا، قال الله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]، وقال صلى الله عليه وسلم: (( «كيف ترون من يسبُّ أبويه؟! فقالوا: وهل من أحد يسب أبويه؟! فقال: نعم، يسبُّ أبوي غيره فيسبون أبويه» ).))
- التصنيف:
- المصدر: