مخاطر (أتاتوركية) تهدد مصر

منذ 2011-06-22

من الأمور التي يسعى العلمانيون لإقرارها أيضا مسألة الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية ـ وذلك بعد تعهد أكبر التيارات الإسلامية بعدم الترشيح للرئاسة ـ من أجل الإتيان برئيس يتمكن من كبح كباح التيار الإسلامي في الانتخابات القادمة ..


ثورة مصر: تعيش مصر في هذه الفترة حالة من الترقب والحذر والقلق، فالبلاد عقب ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك تنتظر حكومة ورئيس منتخبين من الشعب دون تزوير لأول مرة في تاريخها، ودون تدخل من السلطة كما هو مأمول، لكن هناك الكثير من العقبات التي تقف في هذا الطريق الذي بدا عقب الثورة طبيعيا ومألوفا..


الثورة المصرية ليس لها قائد محدد، أو جماعة معينة دعت إليها، ولكنها نتاج لغضب شعبي عام وشامل، وشارك فيها العديد من التيارات الفكرية كما شارك فيها جميع قطاعات الشعب بمختلف طوائفه، والآن وبعد نجاحها وتخلصها من الظالم وحاشيته تريد أن تبني مستقبلها، إلا أن هذه الإرادة الشعبية الواضحة تسعى تيارات ما لاختطافها وتوجيهها اتجاهات أخرى تخدم مصالحها دون أن تفكر بما يمكن أن يؤدي ذلك من مخاطر على البلاد التي تشهد انفلاتا أمنيا وكسلا حكوميا وتراجعا اقتصاديا قد يؤدي بها للإفلاس وعندئذ سيترحم الشعب على أيام النظام السابق..


إن الشعب ومنذ اللحظة الأولى أعلنها صريحة عبر الاستفتاء على تعديل الدستور رغم تجييش العلمانيين لأجهزتهم الإعلامية من أجل تأجيل الانتخابات وصنع دستور على هواهم يضعه عدد من زعمائهم في معزل عن الشعب واختياره، ورغم ذلك استمرت حالة التحفز والاستعداء من أجل إرجاء الانتخابات البرلمانية خوفا من فوز الإسلاميين ووصل الأمر لمطالبة الإسلاميين بتقديم تعهدات مضمونها يؤدي إلى تغييب الشريعة عن الحكم وإلا يستمر الضغط والابتزاز من أجل تأجيل الانتخابات والمطالبة بدستور جديد..

من المشاكل التي تفجرت أيضا خلال لفترة الماضية الحديث عن الدولة الدينية والدولة المدنية حيث أصبح الكلام فيه مثيرا للريبة وأصبح على الإسلاميين لزاما أن يوضحوا للناس المقصود منه حتى لا يستغل العلمانيون الالتباس الحاصل عند الناس من أجل تمرير مفاهيم خطأ للعامة، فالإسلاميون يقصدون أن الحكم سيكون مدنيا بمرجعية إسلامية يعني ليس بالضرورة أن يحكم البلاد علماء دين ولكن الشريعة تكون حاكمة لكن العلمانيين يستغلون هذا المصطلح لمحاولة إبعاد الدولة عن الدين تماما وعزله في المساجد، الصراع الآن على أشده وعندما يئس العلمانيون من الشارع بدأوا التحرش الإعلامي بالإسلاميين، وتوجيه سيل من الاتهامات لهم والضغط عليهم وعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة للاستجابة لتاجيل الانتخابات أو الإسراع في تلفيق دستور يحرم الإسلاميون من تطبيق الشريعة كما فعل أتاتورك عندما صاغ دستورا شديد العلمانية يعاني الشعب التركي منه أشد المعاناة الآن لنيل أبسط حقوقه الدينية..


يكثر العلمانيون من التحذير من خطورة ما يسمونه "التطرف الديني" وتهديده لوحدة البلاد! ولكنهم يتجاهلون تماما التطرف العلماني الذي سيؤدي إلى مخاطر أكبر وأعظم ومن أوضح الأمثلة على ذلك قانون دور العبادة الموحد الذي يسعى العلمانيون لإقراره والذي سيجعل عدد الكنائس أكبر من المساجد وسيحرم كثير من المسلمين من صلاة الجماعة..


من الأمور التي يسعى العلمانيون لإقرارها أيضا مسألة الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية ـ وذلك بعد تعهد أكبر التيارات الإسلامية بعدم الترشيح للرئاسة ـ من أجل الإتيان برئيس يتمكن من كبح كباح التيار الإسلامي في الانتخابات القادمة لا سيما والترشيحات تصب حتى الآن في مصلحة أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، وهو أحد أعمدة النظام السابق وأحد الناصريين الذين يعرفون بعداوتهم للتيار الإسلامي، والغريب أن من بين شباب الثورة من يؤيد وبحرارة منقطعة النظير موسى للمنصب، وكأن العداء للإسلاميين يمحو كل الخطايا بما فيها التحالف مع نظام استبدادي فاسد قتل المتظاهرين بدم بارد وأعاد البلاد عشرات السنين للوراء..التفاؤل الذي ساد عقب رحيل مبارك بدأ يتضاءل وإذا استمر الوضع على ما هو عليه من محاولة اختطاف الثورة وتوجيهها في هذا المسار الأتاتوركي النكد ومخاصمة إرادة الشعب ستقع البلد في مصير أسوأ مما كان ينتظرها على أيدي جمال مبارك وأعوانه.


14/7/1432 هـ
 

المصدر: خالد مصطفى - موقع المسلم
  • 4
  • 0
  • 3,007

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً