أسباب اليأْس والقنوط:المقال الثاني
عن أبي هريرة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أرَ يستجيب لي. فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)) [رواه مسلم ]
5- التشدد في الدين وترك الأخذ بالرخص المشروعة:
قال المناوي: (قال الغزالي رحمه الله: هذا قاله – يقصد حديث إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته- تطييبًا لقلوب الضعفاء، حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأْس والقنوط، فيتركوا الميسور من الخير عليهم؛ لعجزهم عن منتهى الدرجات، فما أرسل إلا رحمةً للعالمين، كلهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم) .
6- قلة الصبر واستعجال النتائج:
إنَّ ضعف النفوس عن تحمل البلاء، والصبر عليه، واستعجال حصول الخير يؤدي إلى الإصابة باليأْس والقنوط، لاسيما مع طول الزمن واشتداد البلاء على الإنسان، فعن أبي هريرة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أرَ يستجيب لي. فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)) [رواه مسلم ] .
قال القرطبي: (والقائل: قد دعوت فلم أرَ يستجاب لي. ويترك قانطًا من رحمة الله، وفي صورة الممتن على ربه، ثم إنَّه جاهل بالإجابة، فإنَّه يظنها إسعافه في عين ما طلب، فقد يعلم الله تعالى أنَّ في عين ما طلب مفسدة) .
وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّد بردة له في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: (( «قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يُؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنَّكم تستعجلون» )) [البخاري] .
وقال ابن القيم: (من استطال الطَّرِيق ضعف مَشْيه وَمَا أَنْت بالمشتاق إِن قلت بَيْننَا طوال اللَّيالي أَو بعيد المفاوز)
7- تعلق القلب بالدنيا:
فمن أسباب اليأْس والقنوط الأساسية تعلق القلب بالدنيا، والفرح بأخذها، والحزن والتأسف على فواتها، بكل ما فيها من جاه، وسلطان، وزوجة، وأولاد، ومال، وعافية، قال تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: 36].
8- دُنوُّ الهمة والاستسلام للواقع وضعف الرغبة في التغيير:
فإنَّ (اليأْس من الإصلاح يقع فيه كثير من الناس، فإذا عاين الشرور المتراكمة، والمصائب، والمحن، والفتن، ومن الفرقة والتناحر والاختلاف الذي يسري في صفوف المسلمين، يأس من الإصلاح،.. ومثل ذلك في شأن كثير من الناس ممن يسرف على نفسه بالمعاصي، ويتيه في أودية الرذيلة، فتجده ييأس من إصلاح حاله، والرقي بها إلى الأمثل، بل ربما ظنَّ أنَّ التغيير مستحيل.. وهذا كله مظهر من مظاهر دنو الهمة، وصغر النفس، والعجز عن مواجهة المتاعب، والمصاعب) محمد ابراهيم الحمد
- التصنيف:
- المصدر: