القدوة فى حياة النشء
إننا لابد أن تكون لنا وقفة مع أنفسنا حيال أبنائنا ، فنهتم بهم ، وننشئهم على مكارم الأخلاق ، ونختار لهم القدوة الحسنة قبل أن يجرفهم التيار ، فلا يستقيم لهم حال بعد ذلك .
كمال عبد المنعم محمد خليل
إذا نظرت إلى أحوال الناشئة فى مجتمعنا المسلم لرأيت العجب العجاب ، سواء فيما يتعلق بالأخلاق ، أو السلوك العادى فى الملبس والهيئة وحتى الكلام ، حيث تجد التقليد الأعمى لهذا وذاك من الغربيين وغيرهم ممن عرفوا بالمجون والخلاعة وسوء الأخلاق ، وترى التقليد فى قصة الشعر وقلادة العنق ، كما ترى صور هؤلاء وهؤلاء من النساء المترجلات والرجال المخنثين قد طبعت على صدور وظهور ما يرتديه فتياننا وشبابنا ، فما السبب فى ذلك ؟؟.
لاشك أن السبب الرئيس فى ذلك هو سوء التربية ، ونتج عن ذلك حالة التيه التى عليها هذه الفئة من شبابنا ، حيث ضلوا عن القدوة الحسنة ، وانعكست فطرهم ، ليروا الضلال رشدا ، والغواية هداية ، وإذا بحثنا عن سبب هذا التيه والضياع لهؤلاء لوجدنا كثيرا من الأسباب ، أولها وأعظمها التقصير فى التربية من قبل الوالدين ، والتنشئة على غير هدى ، فربما شجع بعض الآباء وكذا الأمهات أبناءهم على ما هم عليه بحجة أنهم يعيشون زمانهم ، ويتمتعون بشبابهم ، وهى ـ لاشك ـ وجهة نظر خاطئة ، فمن قال أن التمتع بالشباب عن طريق هذه الأفعال المشينة والسلوك الغير سوى ؟؟ ، كذلك فإن كفلا من المسئولية يقع على عاتق المؤسسات التعليمية التى ينبغى عليها أن تبين لأبنائنا وتظهر لهم النماذج الطيبة التى يقتدون بها ويعملون جاهدين على أن يكونوا مثلهم ، ولا نهمل فى حديثنا هذا دور المؤسسات الدينية فى توجيه الآباء نحو الاهتمام بأبنائهم ولا يتركونهم كما مهملا أمدا من الدهر ثم يفاجأون بعد ذلك بانحراف الأبناء وحيدهم عن الصراط المستقيم.
إن الذى يجب أن نعلمه لهؤلاء الأبناء أن الله تعالى بين لنا الأسوة والقدوة الحسنة ، والمثل الأعلى البشرى الذى لا ينبغى أن نحيد عنه فى الأقوال والأفعال والأخلاق والمعاملات ، قال الله تعالى : " {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } " { الأحزاب : 21} ، فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى لكل مسلم ، كذلك الصحابة جميعا رضوان الله تعالى عليهم، قال ابن مسعود رضى الله عنه : " من كان متأسيا فليتأس بأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، فإنهم أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقهم علما ، وأقلهم تكلفا ، وأقومهم هديا ، وأحسنهم حالا ، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم فى آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " ، والتاريخ الإسلامى القديم والحديث ملىء بالنماذج الفذة من العلماء الذين سطروا العلم النافع ، والأبطال الذين قادوا الجيوش المؤمنة إلى الانتصارات العظيمة ، فأذلوا أعداء الإسلام ، ورفعوا رايات النصر خفاقة عالية، وما ضعف المسلمون وهانوا على عدوهم إلا باتباع الشهوات ، والسير وراء الأهواء والملذات ، ولقد فطن أعداؤنا لذلك ، فسهروا ليلا ، وجدّوا نهارا من أجل تضليل الأجيال المؤمنة ، وهم يعترفون بذلك ويعلنون ذلك فى مؤتمراتهم ، فهم لا يريدون ـ على حد قولهم ـ إخراج المسلمين من دينهم لإدخالهم دينا آخر ، ولكن هدفهم الوحيد هو إيجاد أجيال لا تعرف لها ربا ، فإذا عاشت فمن أجل الشهوات ، وإذا جمعت المال فمن أجل الشهوات ، وإذا ترقت إلى أعلى المناصب فمن أجل الشهوات ، وقد برعوا فى تسخير إعلامهم بل ومساحة كبيرة من إعلامنا لخدمة أغراضهم .
إننا لابد أن تكون لنا وقفة مع أنفسنا حيال أبنائنا ، فنهتم بهم ، وننشئهم على مكارم الأخلاق ، ونختار لهم القدوة الحسنة قبل أن يجرفهم التيار ، فلا يستقيم لهم حال بعد ذلك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
- التصنيف: