الله أكبر

منذ 2019-02-07

إن وصفةَ السعادة معادلةٌ يسيرةٌ؛ هي حُبُّ الله، فهي بداية ونهاية رحلتِكَ الدنيويَّة إن حقَّقْتَها ستكون أغنى إنسان على وجه الكون.

كثيرًا ما نُردِّد: "الله أكبر"، ولكن ماذا فعلتَ لتُحقِّقَ هذه العبارة في حياتك؟

هل امتلأ قلبُكَ بحُبِّ الله حقًّا، فجعلتَه أكبرَ من كل شيء؟

أكبر من حُبِّكَ لأولادكَ ووالديكَ، أكبر من حُبِّكَ لنفسِكَ، أكبر من حُبِّكَ لزوجِكَ، أكبر من تعلُّقِكَ بالمال، والسعي وراء كل ملذَّات الحياة.

هل أعطيتَ حَقَّ الله، فجعلْتَ نفسَكَ تسعى فقط لابتغاء مرضات الله عز وجل؟

فالأصْلُ في حُبِّ الله أن تجعل ربَّك أكبرَ وأعظمَ، وأن تجعل حُبَّه يطفو فوقَ كلِّ شيء؛ فتجعل نفسك تتنفَّسُ بحُبِّ الله.

لو سعينا لنُطبِّق المعنى الحقيقي لحُبِّ الله، وجعلتَ عقاربَ حياتِكَ تدقُّ بحُبِّ الله فقط، فثِقْ بأنَّكَ لن تتمنَّى أكثرَ من أن يُوضَعَ حُبُّ الله في قلبِكَ.

لحظة سكون وهدوء وتنفُّس بعُمْقٍ، فقط استمِعْ لصوتِ تنفُّسِكَ يقول: "الله أكبر"، استمِعْ إلى دقَّاتِ قلبِكَ وهي تدقُّ بحُبِّ الله، انظُرْ لأعمالك وهي تنجح فقط بحُبِّ الله.

استشعروا جمال هذا الحبِّ إن وُجِدَ في القلوب، وتخيَّلُوا: كيف سيكون حال القلوب إن غمَرتها بحُبِّ الله؟!

كيف سيكون حال النفوس إن استعفت عن كل شيء؛ ابتغاءً لمرضات الله؟!

بل كيف ستكون الدنيا إن جعلت نهارها يُشرِق بحُبِّ الله، وتُنير عتمة ليلِها بطاعة الله.

حقًّا ستكون مولودًا جديدًا، وستغدو دُنياك جنَّةً على الأرض؛ فـ"الله أكبر" تزيد من نقاء قلبِكَ، وتزيد من تعفُّفِكَ عن الحرام، وتزيد من شُكْرِكَ لعطايا ربِّكَ.

اجعل حُبَّ الله يظهر في أفعالِكَ في أدَقِّ تفاصيل يومِكَ، ولله المثل الأعلى، إن كنت تُحِبُّ شخصًا ما، فماذا ستفعل له؟

سيتوجب عليك حقًّا إرضاؤه، أليس كذلك؟

فكيف بحُبِّ الله؟!

عليك إذًا بتوثيق هذا الحب، اجعَل أعمالك تنضخ بحُبِّ الله، واجعل حُبَّ الله يُزهِر، ويفُوحُ عِطْرُه على كلِّ مَنْ حولَكَ، واجعل ربَّك أعظمَ وأكبرَ من كل شيء، واجعل حُبَّكَ لله يظهر في غضِّ بصركَ، وفي بُعْدِكَ عن الذُّنوب والمعاصي، واجعله يظهر في تعلُّقِكَ بالمساجد وبذِكْرِكَ الدائم لحُبِّ الله.

اجعلي - غاليتي - حُبَّ الله يظهر في عِفَّتِكِ، وفي خجلك، وفي حيائك، واملئي قلبَكِ، وثنايا رُوحك بحُبِّ الله، واثبتي عند الابتلاءات، وقولي: الله أكبر، وسيؤجرني ربِّي خيرًا.

اجعلوا مسيرتكم في هذه الدار تسير في خطٍّ مستقيم، بدايتُه ونهايتُه "حُبُّ الله، والله أكبر".

عاهِد نفسك أن بوصلة حياتك تسير بك في طريق حُبِّ الله، فتجعله أكبرَ وأعظم من أي شيء ملكته يومًا.

عليك التحرُّر من جاذبية التعلُّق بغير الله، فيغدو حُبُّ الله أكبرَ وأعظمَ ما زُرع في قلبِكَ.

تملك الكثير ولا تشعُر بالسعادة؛ لأنك جعلتَ حياتك وقلبَكَ يُستعمران من قِبَلِ أشياء لا تُعادل حُبَّ الله إن وُجِد في قلبِكَ.

ترى الكثير ممَّن حولك يملكون القليل، ولكنهم أكثر سعادةً منك، تستعجب وتتساءل عن سبب سعادتهم وهدوء الحياة وراحة البال، فيُقال لك: إن وصفةَ السعادة معادلةٌ يسيرةٌ؛ هي حُبُّ الله، فهي بداية ونهاية رحلتِكَ الدنيويَّة إن حقَّقْتَها ستكون أغنى إنسان على وجه الكون.

يومًا ما ستنتهي رحلتُكَ، ولن تأخُذَ معكَ غير أعمالِكَ التي كانت مملوءةً بحُبِّ الله، فتفرح وتسعد رُوحُكَ بما حقَّقْتَه.

ويا حسرتاه على من كانت حياتُه زائفةً، لم يعمل، ولم يزرع في قلبه هذا الحُبَّ العظيم، فكانت حياتُه سببًا في شقائه.

هيَّا لتُحقِّق معنى "الله أكبر" في قراءة القرآن، وتدبُّر آياته، واستشعار جمال الكلمات؛ لتجعل من كل آية رسالةً لك من الله سبحانه وتعالى؛ لتسير على الطريق الصحيح.

لتُحقِّق معنى "الله أكبر": عند دخولك للصلاة أعْطِها حقَّها من وقُوفٍ، وركوع، وسُجود، وخُشوع، تقول: "الله أكبر"، فتنسى كلَّ ما أهمَّكَ من مشاكل دنيوية، وتستقبل القِبْلة فتقِف بين يدي الله، ولا يوجد بداخل عقلِكَ وقلبِكَ غير "الله أكبر".

لتحقِّق معنى "الله أكبر": كن مُتذلِّلًا لله وحده في خلوتِكَ تُناجي ربَّكَ، وتدعو أن يُشرِقَ قلبُكَ بحبِّه فقط، تُناجي ربَّك وتبكي، وتقول: يا رب، أنت أكبرُ من ابتلائي، أنت أكبرُ من همومي وأحزاني، أنت أكبر من أمنياتي ودعواتي.

هيا لنُحقِّق معًا كلمة "الله أكبر" فعلًا وليس شعارًا، هيا لنُكبِّر: "الله أكبر، الله أكبر"، فيصدح صوتُنا في سماء الكون ولنُرهِب به الأعداء، ونُعيد للقلوب به حلاوةَ الإيمان، فاللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ.

بقلم/فاطمة الأمير 

  • 15
  • 0
  • 5,022

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً