زاد الطريق

منذ 2019-07-23

فزاد الطريق: قيام ليل، وسكينة نفس، واستغفار ذنب، وكلمة حق، وصدقة سر، وسبحة حمد، وبسمة ثغر، وطلاقة وجه، وطهر قلب، وانشراح صدر، وبرد يقين، ونور علم، ودمعة عطف، وإخلاص نية، وسلامة طوية.

كتب /هاني مراد

ما أشبه رحلتنا في الحياة بباخرة تمخر عُباب البحر؛ تتقاذفها الأمواج الجارفة، فتكاد تغرقها، وتعترضها الصخور العاتية، فتكاد تحطمها. وإذا كانت الباخرة في رحلتها تحتاج إلى الوقود والإرشاد، فنحن في رحلة الحياة، نحتاج إلى الزاد والإرفاد. وللإنسان أحوج ما يكون إلى الزاد وإلى السند؛ فقد خلق من ضعف، وطبيعته قابلة للزيغ والغفلة المردية.

ومن خير زاد المؤمن: الصبر؛ الصبر على الطريق الشاقة الطويلة الحافلة بالأشواك، والممزوجة بالتضحيات، والمخضبة بالدماء، والمفروشة بالأشلاء، والصبر على شهوات النفس وضعفها ونقصها وترددها وحيرتها وخوفها وجزعها، والصبر على قلة الحيلة أمام جبروت الظلم وطغيان البشر، والصبر على قلة الناصر والمنجد والمعين، والصبر على الباطل وأهله، وغروره، وجوره، وتسلطه على الحق وأهله، والصبر على وسوسة الشيطان ونزغه، وتزيينه الباطل في صورة الحق، والشر في صورة الخير.

والذكر مدد الروح وجلاء القلب. فالذكر في حقيقته، اتصال القلب الدائم بربه، واستمداده نور الهداية بعد ترديد اللسان.

وهو طاقة أُنْس تحيي القلب، ليتقوى بها على مشاق الحياة ووعثاء الطريق، يستمدها من نور كلمات ربه الذي يذكره، ويقينه الذي يملك عليه خلجات قلبه، فتنطق بالذكر جوارحه، وينير بالإخلاص قلبه، ويتجلى الصدق على قسمات وجهه، ومنطوق لسانه، وطبيعة حاله.

ومن خير ما يتزود به المؤمن في رحلته: صحبة الصادقين الأخيار، وإن ندر وجودهم! فهم الواحة الظليلة، ومرفأ السكينة، وملجأ الطمأنينة، لا سيما إذا اشتدت الوحشة، وتوحشت ذئاب البشر. فهم باعث الأمل في حلكة اليأس، وهم سراج النور يهدي الخطوات في عتمة الطريق، وهم رسول الغيث في الأرض المقفرة.

وبعد، فزاد الطريق: قيام ليل، وسكينة نفس، واستغفار ذنب، وكلمة حق، وصدقة سر، وسبحة حمد، وبسمة ثغر، وطلاقة وجه، وطهر قلب، وانشراح صدر، وبرد يقين، ونور علم، ودمعة عطف، وإخلاص نية، وسلامة طوية.

  • 13
  • 1
  • 4,462

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً