مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ
{فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) } [القلم]
{فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} :
دعني ومن يكذب برسالاتي وكلماتي ويعاند شرائعي ويستكبر عن اتباع الرسل , دعه منه لي فأنا من خلقته وأنا من يعلم كيف يستدرجه من حيث لا يدري وكيف أمده في غيه وأغره بنفسه وبما حوله طالما اختار طريق الغرور وأصر عليه وأمد له في عمره وغروره وهذا من كيدي الشديد بمن عاداني.
قال تعالى:
{فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) } [القلم]
قال ابن كثير في تفسيره:
( {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث} ) يعني : القرآن . وهذا تهديد شديد ، أي : دعني وإياه مني ومنه ، أنا أعلم به كيف أستدرجه ، وأمده في غيه وأنظر ، ثم آخذه أخذ عزيز مقتدر ؛ ولهذا قال : ( { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} ) أي : وهم لا يشعرون ، بل يعتقدون أن ذلك من الله كرامة ، وهو في نفس الأمر إهانة ، كما قال : ( {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} ) [ المؤمنون : 55 ، 56 ] ، وقال : ( {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } ) [ الأنعام : 44 ] . ولهذا قال ها هنا : ( {وأملي لهم إن كيدي متين} ) أي : وأؤخرهم ، وأنظرهم ، وأمدهم ، وذلك من كيدي ومكري بهم ; ولهذا قال تعالى : ( {إن كيدي متين} ) أي : عظيم لمن خالف أمري ، وكذب رسلي ، واجترأ على معصيتي .
وفي الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " «إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» " . ثم قرأ : ( { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } ) [ هود : 102 ] .
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: