إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم
وما أجدر بمثل هذا الصنف القبيح أن يفر منه طالب العلم فراره من الأسد ، والحمد لله أن الأرض واسعة ، وأن فضل الله عظيم
من البلاء العظيم أن يجلس طالب العلم في أول عهده بالطلب إلى شيخ أو أستاذ أوتي علما ولم يؤت خلقا حسنا، وحصل علوم آلة ولم يتحل بحلية الأدب والوقار ، فهو سليط اللسان ، شرس الأخلاق ، كثير الدعاوى ، ينضح العجب والغرور من كلامه ، ويظهر في صريح ألفاظه فضلا عن فلتات لسانه ، ثم هو إذا خاصم فجر ، وإذا اختلف مع شخص أو تيار أظهر كل قبيح وكتم كل حسن جميل ، ولم يرع عهدا أو حرمة ، ولم يحفظ ودا أو جميلا .
والمشكلة أن هذا النوع يعدي طلابه - إلا من رحم الله - فتجدهم مثله في سوء الخلق وفحش اللسان ، وفجور الخصومة ، والغرور والانتفاخ بالباطل ، وكأنهم نسخ مشوهة من ذلك المصدر المريض .
وما أجدر بمثل هذا الصنف القبيح أن يفر منه طالب العلم فراره من الأسد ، والحمد لله أن الأرض واسعة ، وأن فضل الله عظيم ، وأن الخير مبثوث في الأمة لا ينقطع ، ولم يكن العلم ولن يكون حكرا على واحد من هؤلاء بحيث يتحجج أحد أن لديه ما ليس عند غيره ، وأنه مضطر للأخذ عنه .
وليت شعري أي فضل أن يكسب المرء العلم الظاهر جله أو كله ، ثم يخسر قلبه وخلقه ونفسه ، ومن جميل ما قيل : من لم ينفعك لحظه لم ينفعك لفظه ولا وعظه ، ونحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم ، والله المستعان
- التصنيف: