مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - يسقون من رحيق مختوم

منذ 2020-01-06

{يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} [ المطففين]

  {يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ} :

يسقي الله تعالى أحبابه الأبرار من رحيق مختوم بالمسك, ولا الرحيق كرحيق الدنيا ولا المسك كمسكها وإنما هي لذة لا تشابهها لذة الدنيا إلا في الأسماء, نعيم ولذات لا تخطر على قلب بشر, وباب التنافس للوصول مفتوح متاح فعلى كل مريد أن  يتقرب لينهل ومزج لهم شرابهم هذا من تسنيم وهو نوع شراب يخلط للأبرار ويقدم خالصاً للمقربين.

فاللهم لا تحرمنا من فضلك

قال تعالى:

  {يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} [ المطففين]

قال ابن كثير في تفسيره:

وقوله  {يسقون من رحيق مختوم}  أي يسقون من خمر من الجنة والرحيق من أسماء الخمر قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وابن زيد
قال الإمام أحمد حدثنا حسن حدثنا زهير عن سعد أبي المجاهد الطائي عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري أراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما مؤمن سقى مؤمنا شربة على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم وأيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة وأيما مؤمن كسا مؤمنا ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة ".

قال السعدي في تفسيره:

ذلك الشراب { { خِتَامُهُ مِسْكٌ} } يحتمل أن المراد مختوم عن أن يداخله شيء ينقص لذته، أو يفسد طعمه، وذلك الختام، الذي ختم به, مسك.
ويحتمل أن المراد أنه يكون في آخر الإناء، الذي يشربون منه الرحيق حثالة، وهي المسك الأذفر، فهذا الكدر منه، الذي جرت العادة في الدنيا أنه يراق, يكون في الجنة بهذه المثابة، { { وَفِي ذَلِكَ} } النعيم المقيم، الذي لا يعلم حسنه ومقداره إلا الله، { { فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } } أي: يتسابقوا في المبادرة إليه بالأعمال الموصلة إليه، فهذا أولى ما بذلت فيه نفائس الأنفاس، وأحرى ما تزاحمت للوصول إليه فحول الرجال.

ومزاج هذا الشراب من تسنيم،وهي عين { {يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} } صرفا، وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق، فلذلك كانت خالصة للمقربين، الذين هم أعلى الخلق منزلة، وممزوجة لأصحاب اليمين أي: مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 4
  • 0
  • 22,041
المقال السابق
إن الأبرار لفي نعيم
المقال التالي
إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً