مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون

منذ 2020-01-07

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)} [ المطففين]

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} :

بعدما ذكر سبحانه الفارق الشاسع بين كتاب الأبرار وكتاب الفجار, يصف لنا حالهم في الدنيا وكيف أن الفجار أصحاب الجحيم كانوا في الدنيا أهل نفوذ واطمئنان إلى دنياهم, وضحك واستهزاء من عباد الرحمن وسخرية وتغامز, وركون إلى سلامة وهمية, وكأنهم أرسلوا ليحفظوا على المؤمنين أعمالهم ويحاسبوهم عليها, أما هم فمباح لهم كل محرم ومسموح لهم كل كفر أو إجرام.

خابوا وخسروا.

قال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)} [ المطففين]

قال السعدي في تفسيره:

لما ذكر تعالى جزاء المجرمين وجزاء المؤمنين وما بينهما من التفاوت العظيم، أخبر أن المجرمين كانوا في الدنيا يسخرون بالمؤمنين، ويستهزئون بهم، ويضحكون منهم، ويتغامزون بهم عند مرورهم عليهم، احتقارا لهم وازدراء، ومع هذا تراهم مطمئنين، لا يخطر الخوف على بالهم.

{ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ } صباحًا أو مساء { {انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} } أي: مسرورين مغتبطين،وهذا من أعظم ما يكون من الاغترار، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن في الدنيا، حتى كأنهم قد جاءهم كتاب من الله وعهد، أنهم من أهل السعادة، وقد حكموا لأنفسهم أنهم أهل الهدى، وأن المؤمنين ضالون، افتراء على الله، وتجرأوا على القول عليه بلا علم.

{ {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} } أي: وما أرسلوا وكلاء على المؤمنين ملزمين بحفظ أعمالهم، حتى يحرصوا على رميهم بالضلال، وما هذا منهم إلا تعنت وعناد وتلاعب، ليس له مستند ولا برهان.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 9
  • 0
  • 76,872
المقال السابق
يسقون من رحيق مختوم
المقال التالي
فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً