الحرب في ذاكرة ممرضة -5

منذ 2020-02-12

ورغم الحرب والدمار فها نحن قد جهزنا أشياء العيد لنحيي سنة الفرح في الأعياد

ما أجمل هذا الوقت من رمضان

يومان بقيا ليزورنا عيد الفطر السعيد 

ورغم الحرب والدمار فها نحن قد جهزنا أشياء العيد لنحيي سنة الفرح في الأعياد

ونفرح أطفالنا في أجمل يوم ينتظورونه كل عام

وما أروع اجتماع العائلة على مائدة العشاء إنه من أجمل الأوقات التي لاتنسى 

كنا ننتظر المغرب لنروي ظمأنا ونسكت جوعنا وكانت رائحة الطعام تملأ شوارع القرية 

وكأنها تسابق رائحة الموت 

الذي جاء مسرعا ليمنع عنا كل فرح قررنا أن نستقبله 

هل ترانا في حلم أم يقظة ماهذا الإنفجار الرهيب؟! 

كادت أنفاسنا تتوقف إنه صوت لم نعهده من قبل رغم كل مامررنا به، 

هرعنا فورا إلى نقاط الإسعاف نستقبل الكم الهائل من الجرحى 

 مرضى يصرخون وأهل يتوسلون، دماء تتناثر وأعضاء تتساقط

وأحباب يسألون عن أحبابهم

أسعفنا من استطعنا ومات من مات

وهدأت الأصوات لنكتشف بعدها الويلات....

ذهبت أتفقد الموتى وجسمي يقشعر خوفا وألما من منظر الناس الذين يتعرفون على أحبابهم

 فلا أحد يدري من قد يكون ذلك الشخص المسجى تحت الغطاء إن لم يحضر أهله 

والانفجار حصل في ساحة القرية حيث تشتري الناس معظم حاجياتها

ورجال القرية كالعادة يذهبون لإحضار

 بعض الحلويات أو العصائر في هذا الوقت ومنهم من يجلب طعاما جاهزا للعشاء. 

كشفت الغطاء الأول 

ثم الثاني 

وعند الثالث تجمدت الدماء في عروقي

وبدأت دقات قلبي تتسارع بقوة مؤلمة داخل صدري، 

أشعر أنه هو ولكنّ تهشم جمجمته وتشوه وجهه لم  يمكنانني من التيقن أنه هو 

لم تكن معالمه واضحة وكان قصيرا جدا رغم أنه طويل في طبيعته 

حاولت تكذيب نفسي ولكن قلبي رفض أن يهدأ 

مضى وقت الله وحده يعلم صعوبته وأنا في غرفة العمليات وفكري كله مع تلك الجثة التي أشعلت النار في قلبي

ذهبت للمنزل لأجد أهلي يبحثون عنه ويتصلون به على أمل أنه بخير فقد أرسلته أمه ليحضر لها سمكا ومكان السمك بعيد عن التفجير. 

"لاتتعبوا أنفسكم لقد مات"

قلتها  والدموع تغمر وجهي وقد بدأ صوت بكائي يعلو ويعلو وكأنه بركانه قد تفجر من فوهته

إنه  عامر أبن أختي الكبرى 

يرقد هناك مع عدد كبير من الشباب الذين ودعوا الحياة نتيجة حقد دفين يكمن في نفوس الأعداء الذي صبوا جام غضبهم على كل من أراد الحياة بعزة وإباء

ذهب عامر إلى قبره وسمحوا لأمه فقط برؤيته بسبب إصرارها

ذهب وقد كنا نجهز لخطبته بعد أيام

رحل دون أن نلقي عليه نظرة الوداع

وكل هذا ليشفي العدو صدره ويبتهج

 بمقتل المسلمين في كل مكان

فاطمة محمد عبود

  • 8
  • 0
  • 1,589

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً