حالة خوف وتوجس تعم الكرة الأرضية

منذ 2020-03-27

فالدنيا - كانت وما زالت منذ خلقها الله - مصبوغة بالابتلاء ، والمكابدة ، والآلام ، والفراق ، والحزن على ما مضى من أحداث و ذكريات مريرة ، وفراق الأحبة ، والخوف من المستقبل

كتب الدكتور أحمد قوشتي أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الشريف في ظل توجس العالم من وباء كورونا:

إذا رأيت حالة القلق ، والخوف ، والتوجس التي تعم الكرة الأرضية كلها ، فلعلك تدرك شيئا من حقيقة الدنيا الفانية ، مقارنة بالآخرة الباقية .

فالدنيا - كانت وما زالت منذ خلقها الله - مصبوغة بالابتلاء ، والمكابدة ، والآلام ، والفراق ، والحزن على ما مضى من أحداث و ذكريات مريرة ، وفراق الأحبة ، والخوف من المستقبل ، وما يخبئه من مصائب وملمات ، ربما نزلت بالنفس أو الأهل أو الولد ، وهم تحصيل الرزق ، وكفاية حاجات من يعول المرء ، وتأمين مستقبلهم .

وكل لذاتها – وإن كثرت وعظمت - لا يوصل إليها إلا بالتعب والمشقة ، ثم إنها مشوبة بالمنغصات ، ومقترنة بالفراق اللازم ولابد ، وأي شيء تملكه فيها : إما أن يفارقك ، وإما أن تفارقه ، فلا دوام ، ولا خلود ، بل فناء ، وانتهاء .

وفي مقابل ذلك تجد أن من المعاني المتكررة في الحديث عن الجنة ونعيمها في القرآن والسنة : السلام التام من كل الآفات ، والمنغصات ، والمتاعب ، والهموم والغموم ، ونفي كل خوف أو حزن .

فأهل الجنة " { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ } " كما أن ملائكة الرحمن " {يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} " وإذا فتحت لهم أبواب الجنة " {قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } " ويناديهم رب العالمين سبحانه  {يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ . ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ

وليس في الجنة قط هم ولا غم .
ولا مرض ، ولا نصب ، ولا تعب .
ولا قلق ، ولا توجس من شر قادم ، أو خشية من بطش ظالم .
ولا حزن على ما مضى .
ولا خوف من مستقبل .
بل حالة فرح لا تنتهي .
وسعادة لا نهاية لها .
ونعيم ولذات لم ترها عين ، ولم تسمع بها أذن ، ولا خطرت على قلب بشر .
وخلود أبد الآبدين ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

قال تعالى { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
وقال تعالى {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ . الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ }
وقال تعالى { فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

فاللهم إنا نسألك الجنة ، وما قرب إليها من قول أو عمل ، ونعوذ بك من النار ، وما قرب إليها من قول أو عمل .

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 11
  • 1
  • 3,184

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً