أدرك رمضان فصامه
لأنه لا مساو لنعم الطاعات ، لا سيما عندما يتذكر العبد إحداها وهي نعمة السجود وما فيها من نعمة على النفس والروح والقلب، حتى أنها لتغنيه عن مطالب الدنيا كلها،
فلنفرح أحبتي بفضل الله العظيم أن أتم لنا ليلة الثلاثين، هل من أحد من خلقه يستطيع ذلك،ءأله مع الله، هو ذا يا رعاكم الله لا أحد.
{أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64) قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)} [النمل]
فقد أوتيتم حظا كما أوتي الصحابي عوضا عن المجاهد الذي سبقه في أجله
وفي الحديث : «أنَّ رَجُلَينِ قَدِمَا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان إسلامُهُما جميعًا، وكان أحدُهُما أَشدَّ اجتِهادًا مِن صاحبِه، فغَزَا المُجتهِدُ منهُما فاستُشهِدَ، ثمَّ مَكَثَ الآخرُ بَعدَه سَنةً ثمَّ تُوُفِّيَ. قال طَلحةُ: فرأيْتُ فيما يَرى النَّائمُ، كأنِّي عِندَ بابِ الجَنَّةِ، إذا أنا بهِما وقد خَرَجَ خارِجٌ مِنَ الجَنَّةِ، فأَذِنَ للَّذي تُوُفِّيَ الآخِرَ منهُما، ثمَّ خَرَجَ فأَذِنَ للَّذي استُشهِدَ، ثمَّ رَجَعَا إليَّ، فقالَا لي: ارجِعْ؛ فإنَّه لمْ يَأْنِ لكَ بَعدُ. فأَصبَحَ طَلحةُ يُحدِّثُ به النَّاسَ، فعَجِبوا لذلكَ! فبَلَغَ ذلكَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: مِن أيِّ ذلكَ تَعجَبون؟! قالوا: يا رسولَ اللهِ، هذا كان أَشدَّ اجتِهادًا، ثمَّ استُشهِدَ في سبيلِ اللهِ، ودَخَلَ هذا الجَنَّةَ قَبْلَه! فقال: أليس قد مَكَثَ هذا بَعدَه سَنةً؟ قالوا: بلى، قال: وأَدرَكَ رمضانَ فصامَه؟ قالوا: بلى، قال: وصَلَّى كذا وكذا سَجدةً في السَّنَةِ؟ قالوا: بلى، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلَمَا بيْنهُما أَبْعَدُ ما بيْن السَّماءِ والأرضِ» .
الراوي : طلحة بن عبيدالله | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد | الصفحة أو الرقم : 2/370 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
فلنفرح بهذا الفضل العظيم وفيه زيادة لمن أخلص وأتقى وحسن عمله، وأنهى شهره بالاستغفار والتوبة والأنابة، وعدم الرجوع إلى النكوص والمعاصي وما يغضب الرب من المجاهرة في المعاصي وهو أضعف من أن يجلب الخير لنفسه ويدفع الضر عنها،
أرأيتم ما حل بنا من شأن هذا الوباء، كفى به واعظا.
إن كان أحدنا يدخل بيت الخلاء، فيخرج منه قائلا غفرانك، يستغفر ربه لأنه إنقطع عن الذكر أنذاك، ولأنه لا يملك أن يخلص نفسه من العذرة لولا تيسير ربه له ذلك من العافية،
إن كان هذا كله فمن باب أولى أن يختم عمله العظيم الذي ربنا تعالى حميد غني عنه، أن يختمه بالاستغفار والتوبة وسؤال المولى القبول، فالعبرة بالخواتيم، ومن وفق للطاعة ليس بجهده وكده وتعبه وعزيمته بل هو فضل من الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وفي الركن الأعظم أمرنا أن نكون في عبادة وكلما إنتهينا من عبادة نذكر الله ونستغفره ونسأله القبول وأن يديم هذه النعم علينا،
«فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200)» [البقرة]
لأنه لا مساو لنعم الطاعات ، لا سيما عندما يتذكر العبد إحداها وهي نعمة السجود وما فيها من نعمة على النفس والروح والقلب، حتى أنها لتغنيه عن مطالب الدنيا كلها، ويخبت عندما يتذكر قوله تعالى:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)} [القلم ] ويدعوا الله أَن لا يكون منهم من شدة ما يجد من حظ ورفعة من سجوده وهو مخبت خاضع منيب لله رب العالمين،
فيا عبد الله، يا من عزمت على فعل المعصية بعد هذه الطاعة لا تأمن أن ينزل بك الموت ساعة من ليل أو نهار وأنت على حال لا ترضى الله العزيز الجبار، { {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} } [النحل: 92]. نعوذ بالله من النكوص بعد الطاعة. وقد آن لنا أمة الإسلام أن ندرك أن ما أصابنا من ضعف وهوان وتغير الحال والاحوال إنما هو من عند أنفسنا، فنسأل الله العفو والعافية.
حمزه عبد الغني المحتسب
- التصنيف: