زيف الحضارة الغربية

منذ 2020-09-11

فهذا الإنسان الغربي الذي سخّر المادة والكون لاكتشافاته واختراعاته الصناعية، لا يمتاز في أخلاقه وقيمه وشرهه وطمعه وطيشه ونزقه وظلمه وسطوته، عن وحش الغاب،

كتب الأستاذ هاني مراد

مع ما وصلت إليه هذه الحضارة، وأوصلت إليه العالم، من سبق علمي وتقدم تكنولوجي، إلا أنها بالفعل حضارة زائفة.

فهذه الحضارة تعاني من فجوة هائلة بين القوة والأخلاق، وبين العلم بمفهومه المادي الذي تقدمه، والرقي الإنساني الحقيقي الذي يفتقر إليه كل إنسان! ومنذ الثورة الصناعية التي شهدتها أوربا، ظلت الصناعة في تطور، وظلت الأخلاق في تدهور، وظل العلم في تقدم، وظلت الفضيلة في تأخر، وكلما سار الزمن، اتسعت الفجوة أكثر وأكثر!

فهذا الإنسان الغربي الذي سخّر المادة والكون لاكتشافاته واختراعاته الصناعية، لا يمتاز في أخلاقه وقيمه وشرهه وطمعه وطيشه ونزقه وظلمه وسطوته، عن وحش الغاب، مع الاعتذار للوحش الذي يقتل ليأكل، أو يتصرف بمحض الغريزة! فما أشبه ذلك الإنسان بطفل لم يكتمل عقله، أو بإنسان فاقد للعقل والحكمة، يمسك بمفاتح القوة التي يدمّر بها ذلك الكون الذي هو بيت كل إنسان!

فهذا الإنسان الذي طار بالطائرات، وأبحر بالغواصات وحاملات الطائرات، وأرسل المركبات إلى القمر والمريخ والمشترى، لا يحسن المشي على الأرض! وهل تساوي هذه الطائرة وما قدمته للبشرية من اختصار للوقت وطيّ للمسافات، ما أوقعته من تلوث، وسفك لدماء ملايين الأبرياء، وتدمير للبلاد؟

إنّ القوة هي دين الغرب، واحتلال الشعوب واستغلالها، هو منهج حضارته الجاحدة عبر مئات السنين التي خرّب فيها العمران واستعبد الإنسان، وهدم البنيان، ومزّق الأوطان، وأباد الحضارات، وقتل الملايين. ونظرة خاطفة على التاريخ الذي لوثه بالدماء، أو الحاضر الذي أشعله بالحروب، تكفي لنعلم أنّ ما قدمه الغرب للبشرية لا يعدو حضارة زائفة!

  • 9
  • 0
  • 2,103

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً