أوراق مبعثرة - (2) آداب وأخلاق

منذ 2020-12-11

الإنسان المثقف هو الذي يترجم علمه ومعرفته إلى سلوك، لا من يدَّعيهما فقط

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

• الإنسان المثقف هو الذي يترجم علمه ومعرفته إلى سلوك، لا من يدَّعيهما فقط، وإذا نظرت إليه، وتأملت في تصرفاته، وجدته يفعل عكس ما يدعي ويزعم! فالكل يحسن نسج الأقوال، وتنميق العبارات.. ولكن العبرة في تطبيقها وتحويلها إلى أفعال ومنهج حياة. أما أن تظل مجرّدَ شعارات زائفة، كأنها أعجاز نخل خاوية؛ فتلك - لعمري - سخافة لا ثقافة!

 

• الناس مجبولون على حب من يحسن إليهم، وبغض من يسيء إليهم، ولله درّ القائل:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ

 

• لماذا تيأس عند فراقك لشخص كنت تحبه، إذا لم تكنِ السببَ في هذا الهجر، اغمض عينيك هنيهة ثم افتحهما، وأكمل طريقك، كأنْ لم يكن شيئاً مذكوراً، واعلم أن الشجرة لا يسقط من ثمارها إلا ما هو فاسد، وأن الزبد فيذهب جُفاءً، وأما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

 

• الصداقة الصادقة لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، بل تبقى ثابتة مستقرة كحكم فقهي مستنده نصٌ قطعي الدلالة والثبوت.

 

• انتقوا أصدقاءكم كما تنتقون أطـايِب الثمر.

• أحياناً نصفح عمّن ليس أهلاً للصفح؛ حفظاً وصوناً لحبل ودّ أقربائه الذين تجمعنا بهم علاقات طيّبة. ولله درّ القائل:

وإذا الصديق أسى عليك بجهلهِ *** فاصفح لأجل الودّ ليس لأجلهِ

 

• لا تجعل الحزن سبباً لنهاية حياتك، لكن اجعله سبباً لبداية حياة جديدة خاليه من هذا الحزن.

 

• لا تسعَ إلى تصحيح ظن أَحدٍ بك؛ من أكرمك فأكرمه، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه.

 

• اقبل النصيحة وإن لم تعجبك، ومهما ترها قاسية على نفسك الأمارة بالسّوء، فبعد توالي الأيام، ستتأكد من أن ذلك الشخص لا يريد إلا مصلحتك، وأن مع تلك القسوة كثيراً من الحب.. وما نصائح الأم عن هذا ببعيد، فتأمل.

 

• اعلم أن الاستسلام هو: بداية الفشل، ونهاية الأمل، فاحرص على مواجهة الصعاب، والتعود على تحمل الألم والـمشاق، فلا شيء يأتي عبثاً، وإذا اشتدت الأزمة، فتلك آية الفرج، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5، 6].

 

• إن ممّا يقتل الإبداعَ في نفوسنا، ويثبّط عزائمَنا، هو: الخوف من ردود أفعال الآخرين.

 

• إذا أردت أن تعيش حياة مليئة بالسرور والحبور، فلتكن ثقتك بالله قوية، وصلتك به شديدة، ولا تبالي بما يفعله أو يقوله البشر، فلن ينفعوك بشيء إلا بما كتبه الله لك، ولن يضرّوك بشيء إلا بما كتبه الله عليك، واعلم حقّ اليقين أنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله لك، فهو حسيبك، وعليه فتوكل.

 

• ينبغي أن نتعلم كيفية رؤية الأمور والأشياء على حقيقتها، لا كما نتصوّرها؛ فليس كل ما نتخيله يتحقق، وليس كل ما نتمناه ندركه، فكثيراً ما يقع العكس.. وينبعي مع ذلك خفض سقف الطموحات؛ حتى لا نُفاجأ بضربة قاضية، تميع لنا صفو الخاطر، وطعم الحياة، فنخسر أنفسنا، وذلك هو الخسران المبين، فما من شيء في هذه الحياة إلا ويعوض؛ بمثله أو بغيره من البدائل التي تنسينا المنغصّات والأوجاع، فنفوسنا علينا عزيزة، فلا ينبغي أن نذلها أو نهينها - مهما كان الأمر- فحقها علينا كثير، وكم من مفرّطٍ في حق نفسه!

 

• كل الناس يريدون سماع الحقيقة، ولكن القليل منهم فقط من يتقبلها بصدر رحب، أما أغلبيتهم فينكرونها أشد الإنكار؛ "لأنهم لا يريدون رؤية أوهامهم تتحطم"، كما قال أحدهم.

 

• الناس بطبيعتهم يميلون إلى حب ذاتهم، والإعجاب بها، ولذلك فيسلّيهم كثيرا مَنْ يُثني عليهم لا من يذمهم. يُعجبهم من يمدحهم وإن كان ذلك المديح غير موجود فيهم حقيقةً، ولا ينطبق عليهم، ولهذا قيل قديماً: "أعذب الشعر أكذبه".

 

• لو ترك الناس الحسد لعاشوا في رغد.

 

• الحسد يهدم الجسد: ذكر ابن العماد العكري في "شذرات الذهب" عن الأصمعي قال: "رأيت شيخا بالبادية قد سقط حاجباه [على عينيه] وله مائة وعشرون سنة، وفيه بقية، فسألته، فقال: تركت الحسد فبقي الجسد".

 

• بدل أن تخسر وقتك وجهدك في ترميم الماضي، قم بالتخطيط لقابِل.

 

• قد تجد عطفاً ممن هو بعيد، ولا تجده ممن هو قريب، فلا تبتئس بهذا، فلك خالقٌ هو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو على كل شيء رقيب.

 

• عند الخصام لا تنطق بسيِّء الكلام ورديئه، بل قل خيرا أو الزم الصمت؛ كيلا يتسع الخرق، وسيكشف الله لك ثمرة صمتك مع مرور الأيام، والعاقبة للتقوى.

 

• إذا أصابتك نازلة قضّت مضجعك، فلا تبخل على نفسك بالدعاء، وردد قول الله تعالى على لسان سيّدنا يعقوب عليه السلام: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]. فالله نعم المولى ونعم النصير.

 

• الكذب كله شر، وشر الكذب: كذبٌ على ذويك.

• ليس العمر الذي يجعل الإنسان رجلاً، ولكنَّ الإحساسَ بالمسؤولية والاستعدادَ لحَملها هو من يجعله كذلك.

• القلق يفعل بصاحبه ما لا يفعل العدو به؛ إنه يعكر عليه مزاجه، ويميع صفو خاطره، ويهدم صحّته، ويجعل من دقائق أيامه ساعاتٍ طوال.

 

• ويحدث أحياناً أن تحضر إلى خاطرك بعضُ الذكريات؛ التي ظننت أنك قد قطعت دابرها، وتخلصت منها، ولكن هيهات هيهات، إن للذكريات وقعا على النفس والروح أشد من وقع الجمار على جلدك وشحمك.

 

• احترام الناس ليس شيئاً تشتريه، ولا يأتي بين عشية وضحاها، بل هو غاية بعيدة المدى، تتجرع من أجلها العلقم، قال الشاعر:

لا تحسب المجد تمراً أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبِرا

 

• لكي تنال الاحترام ينبغي أن تفرضه على الناس، لا أن تنتظر أن يُتصدق به عليك.

• احترم من يحترمك وإن لم يكن أهلاً لاحترامك.

• احترامك للناس لا ينقص شيئاً من شرفك وعزك، بل يزيدك شرفاً وعزًّا.

__________________________

 

الكاتب: عبدالإله أسوماني

  • 6
  • 1
  • 1,676
المقال السابق
(1) حياتك هي اللحظة التي أنت فيها
المقال التالي
(3) السعادة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً